عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٠١
النسائي في الوليمة عن إبراهيم بن مسعود وغيره. وأخرجه ابن ماجة في الأشربة عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (أو ثلاثا) يحتمل أن يكون أو للتنويع أي: ثلاث مرات، ويحتمل أن يكون للشك، وقد أخرج إسحاق بن راهويه الحديث عن عبد الرحمن بن مهدي عن عزرة بلفظ: كان يتنفس ثلاثا، ولم يقل: أو، وروى الترمذي قال: حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن يزيد بن سنان الجزري عن ابن عطاء بن أبي رباح عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم. وقال: هذا حديث غريب، وقال بعضهم: سنده ضعيف، فإن كان محفوظا. فهو يقوى ما تقدم من التنويع. قلت: قال شيخنا: حسن الترمذي حديث ابن عباس، وفيه: من لم يسم، وهو ابن عطاء بن أبي رباح، وكان له ولدان روى كل واحد منهما عنه وهما: خلاد ويعقوب، ويعقوب روى له النسائي باسمه، وضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. وأما خلاد فليس له رواية في الكتب الستة. قال البخاري فيه: منكر الحديث، وقال الترمذي ويزيد بن سنان: هو أبو فروة الرهاوي، وقال شيخنا: ضعفه أحمد وابن معين وابن المديني، وتركه النسائي، وقال البخاري: مقارب الحديث، وإنما قال الترمذي ويزيد بن سنان هو أبو فروة الرهاوي لأن لهم يزيد بن سنان المقرئ البصري ثقة، روى عنه النسائي، متأخر الطبقة عن هذا. قوله: (وزعم) أي: قال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثا) أي: ثلاث مرات. وأخرج الترمذي أيضا عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا شرب تنفس مرتين، ثم قال: وهذا حديث حسن غريب فإن قلت: ما التوفيق بينهما؟ قلت: هذا ليس بنص على المرتين بل هو من باب الاكتفاء، والأصل أن المستحب الشرب في ثلاثة أنفاس. وفي حديث ابن عباس المذكور عن قريب، وهو قوله اشربوا مثنى وثلاث، وفيه الاقتصار على الشرب مرتين إذا حصل الاكتفاء بذلك، ولكن ينبغي أن يزيد ثالثة، وإن اكتفى بمرتين.
واختلفوا: هل يجوز الشرب بنفس واحد؟ فروي عن ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح أنهما أجازاه بنفس واحد، وروي عن ابن عباس وطاووس وعكرمة كراهة الشرب بنفس واحد، وقال ابن عباس: هو شرب الشيطان، وقال الأثرم: هذه الأحاديث في ظاهرها مختلفة والوجه فيها عندنا أنه يجوز الشرب بنفس وباثنين وبثلاثة وبأكثر منها، لأن اختلاف الرواية في ذلك يدل على التسهيل فيه، وإن اختار الثلاث فحسن.
27 ((باب الشرب في آنية الذهب)) أي: هذا باب في بيان حكم الشرب في آنية الذهب، ولم يصرح بالحكم اكتفاء بما في الحديث من صريح النهي عن ذلك.
5632 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال: كان حذيفة بالمدائن فاستسقاى فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه به، فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته، وإن النبي صلى الله عليه وسلم نهنا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة. وقال: هن لهم في الدنيا. وهي لكم في الآخرة. ابقته للترجمة في قوله: (والشرب في آنية الذهب). والحكم بفتحتين هو ابن عتيبة مصغر عتبة الدار وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن، وحذيفة بن اليمان واسم اليمان حسل بن جابر واليمان لقب، وهو من كبار الصحابة، رضي الله تعالى عنهم.
والحديث مضى في كتاب الأطعمة في: باب الأكل في إناء مفضض، فإنه أخرجه هناك عن أبي نعيم عن سيف بن أبي سليمان عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وانظر التفاوت بينهما في المتن والإسناد.
قوله: (بالمدائن) وهي مدينة عظيمة على دجلة بينها وبين بغداد سبعة فراسخ، وكانت مسكن ملوك الفرس، وبها إيوان كسرى المشهور، وكان فتحها على يد سعد بن أبي وقاص في خلافة عمر، رضي الله عنه، سنة عشر. وقيل قبل ذلك، وكان حذيفة عاملا عليها في خلافة عمر ثم عثمان إلى أن مات بعد قتل عثمان سنة ست وثلاثين في أول خلافة علي، رضي الله تعالى عنه. قوله: (فاستسقى) أي طلب الماء للشرب. قوله: (دهقان) بكسر الدال المهملة وضمها بعدها هاء ساكنة ثم قاف وبعد الألف نون، وهو زعيم القوم وكبير القرية بالفارسية منصرفا وغير منصرف، وفي
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»