عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٧٧
0805 حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا محارب قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، يقول: تزوجت. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تزوجت؟ فقلت: تزوجت ثيبا فقال: مالك وللعذارى ولعابها، فذكرت ذلك لعمرو بن دينار، فقال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (تزوجت ثيبا) وقد ذكرنا أن هذا الحديث رواه البخاري في مواضع كثيرة بوجوه كثيرة. ومحارب، بكسر الراء: ابن دثار، بكسر الدال السدوسي.
قوله: (مالك والعذاري) جمع العذراء وهي البكر. قوله: (ولعابها) بكسر اللام بمعنى الملاعبة. قوله: (هلا جارية) أي: هلا تزوجت جارية؟ قوله: (فذكرت ذلك) القائل هو محارب، وذلك: إشارة إلى قوله: (مالك وللعذارى ولعابها).
11 ((باب تزويج الصغار من الكبار)) أي: هذا باب في بيان حكم تزويج الصغار من الكبار في السن.
1805 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث عن يزيد عن عراك عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك. فقال: أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال.
مطابقته للترجمة من حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي صغيرة، وكان عمرها ست سنين، واعترض الإسماعيلي هذا بوجهين: أحدهما: أن صغر عائشة من كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معلوم من غير هذا الخبر. والآخر: أن هذا مرسل، فإن كان مثل هذا يدخل في الصحيح فيلزمه في غيره من المراسيل. وأجاب بعضهم عن الأول بقوله: يمكن أن يؤخذ من قول أبي بكر: (إنما أنا أخوك) فإن الغالب في بنت الأخ أن تكون أصغر من عمها. قلت: هذا ليس بشيء، لأن الترجمة في تزويج الصغار من الكبار، وليست في مجرد بيان الصغار من الكبار، والجواب الصحيح الذي ذكرته، والجواب عن الثاني: وإن كانت صورته صورة الإرسال ولكن الظاهر أن عروة حمله عن عائشة، يدل عليه أن أبا العباس الطرقي في ذكره في كتابه مسندا عن عروة عن عائشة وغيرها من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: مثل هذا يدخل في المسند.
قوله: (خطب عائشة إلى أبي بكر) قيل: كلمة: إلى، هنا بمعنى من، والأولى أن تكون بن علي حالها للغاية أي: أنهى خطبته إلى أبي بكر كما في قولهم: أحمد إليك الله أي: أنهي حمده إليك. قوله: (إنما أنا أخوك) كأن أبا بكر، رضي الله تعالى عنه، أعتقد أنه لا يحل له أن يتزوج ابنته للمؤاخاة والخلة التي كانت بينهما، فاعلمه صلى الله عليه وسلم أن أخوة الإسلام ليست كأخوة النسب والولادة فقال: إنها لي حلال بوحي الله تعالى، كما قال إبراهيم، عليه السلام، الذي أراد أن يأخذ منه زوجته: هي أختي، يعني في الإيمان، لأنه لم يكن أحد مؤمنا غيرهما في ذلك الوقت.
واعترض صاحب التلويح هنا بوجهين: أحدهما: أن الخلة لأبي بكر إنما كانت في المدينة والخطبة إنما كانت بمكة، فكيف يلتئم قوله. في هذا؟ والآخر: أنه صلى الله عليه وسلم ما باشر الخطبة بنفسه، كما ذكر ابن عاصم من حديث يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون يخطبها، فقال لها أبو بكر، رضي الله تعالى عنه: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه؟ فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إرجعي وقولي له: أنت أخي في الإسلام، فابنتك تصلح لي. فأتت أبا بكر فذكرت له، فقال: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه فأنكحه انتهى.
قلت: أما الجواب عن الأول: فهو أنه: لا مانع أن الخلة إنما كانت في مكة ولكن ما ظهرت إلا بالمدينة، وأما الجواب عن الثاني: فيحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لما جاء إلى أبي بكر خطب بنفسه أيضا، فوقع بينهما ما ذكر في الحديث. ثم إنه لما علم حقيقة الأمر أنكحها من النبي صلى الله عليه وسلم
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»