عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٧٥
شجر قد أكل منها، وكذا أخرجه أبو نعيم في المستخرج بلفظ الجمع وهو أصوب لقوله بعد: (في أيها كنت ترتع) أي: في أي الشجر؟ ولو أراد الموضعين لقال: في أيهما. قوله: (ترتع) بضم أوله من الإرتاع، يقال: ارتع بعيره، إذا تركه يرعيشيئا، ورتع البعير في المرعى إذا أكل ما شاء، ورتعه الله أي: أنبت له ما يرعاه بن علي سعة. قوله: (قال: في الذي لم يرتع منها) والأصل أن يقال: في التي لم يؤكل منها وكذا في رواية أبي نعيم: قال في الشجرة التي، وهو الأصل. قوله: (تعني). أي: عائشة، رضي الله تعالى عنها، وزاد أبو نعيم قبل هذا ناهيه، بكسر الهاء وفتح الياء آخر الحروف وسكون الهاء، وهي للسكت.
8705 حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة حرير، فيقول: هاذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هاذا من عند الله يمضه.
.
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم، تزوج عائشة وهي بكر بعد رؤيته إياها في المنام الصادق. وعبيد اسمه في الأصل عبد الله بن إسماعيل يكنى أبا محمد الهباري القرشي الكوفي، وأبو أسامة. والحديث أخرجه البخاري أيضا في التعبير عن عبيد المذكور وأخرجه مسلم في الفصائل عن أبي كريب عن أبي أسامة.
قوله: (أريتك)، بضم الهمزة وكسر الكاف لأنه خطاب لعائشة. قوله: (إذا رجل يحملك)، كلمة: إذا، للمفاجأة، وأراد بالرجل ملكا في صورة رجل، وفي رواية الترمذي: أن الملك الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصورتها هو جبريل، عليه الصلاة والسلام، وفي صحيح ابن حبان جاءني جبريل عليه الصلاة والسلام، في خرقة حرير فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة، وفي رواية لمسلم: جاءني لك الملك، وفي طبقات ابن سعد عنها: جاء جبريل، عليه الصلاة والسلام، بصورتي من السماء في حريرة وأصلها بالفارسية: سره، أي: جيد فعرب كما عرب إستبرق، وقيل: هي شقة من الحرير الأبيض، وادعى المهلب أنه كالكلة والبرقع، وهو غريب. قوله: (فأكشفها) أي: فأكشف السرقة، قيل: إنما رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه. قوله: (فإذا هي أنت) كلمة: إذا، للمفاجأة وهي ترجع إلى الصورة التي في السرقة. قوله: (إن يكن من عند الله)، أي: إن يكن هذا الذي رأيته كائنا من عند الله (يمضه) بضم الياء من الإمضاء، وهو الإنفاذ، وقال ابن العربي: لم يشك صلى الله عليه وسلم فيما رأى فإن رؤيا الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وحي وإنما احتمل عنده أن تكون الرؤيا اسما. واحتمل أن تكون كنية. فإن للرؤيا اسما وكنية. فسموها بأسمائها وكنوها بكناها، واسمها أن تخرج بعينها، وكنيتها أن تخرج بن علي مثالها، أو هي أختها أو قرينتها أو جارتها أو سميتها، وذكر عياض أن هذه الرؤيا تحتمل أن تكون قبل النبوة فقال: تزوجها فإنها امرأتك. قوله: (في سرقة) بفتح السين المهملة وفتح الراء. وهي قطعة من حرير وإن كانت بعد النبوة فلها ثلاثة معان: الأول: أن تكون الرؤيا بن علي وجهها فظاهرها لا يحتاج إلى تعبير وتفسير فيسمضه الله وينجزه، فالشك عائد إلى أنها رؤيا بن علي ظاهرها أم تحتاج إلى تعبير وصرف عن ظاهرها. الثاني: المراد إن كانت هذه الزوجية في الدنيا يمضه الله، عز وجل، فالشك أنها هل هي زوجته في الدنيا أو في الآخرة. الثالث: أنه لم يشك، ولكن أخبر بن علي التحقيق وأتى بصورة الشك، وهذا نوع من البلاغة يسمى: مزج الشك باليقين.
01 ((باب تزويج الثيبات)) أي: هذا في باب في بيان تزويج النساء الثيبات، وهو جمع ثيب. وقال بعضهم: جمع ثيبة، وليس كذلك بل جمع ثيب وقال المطرزي: الثيب بالضم في جمعها ليس من كلامهم. والثيب من ليس ببكر، وقد ذكرنا أنه يقال: رجل ثيب وامرأة ثيب، وقال ابن الأثير: ويقع بن علي الذكر والأنثى، وفي المغرب والثيب من النساء التي قد تزوجت فبانت بوجه، وعن الليث: ولا يقال للرجل وعن الكسائي: رجل ثيب بامرأته، وامرأة ثيب إذا دخل بها، كما يقال: بكر وأيم، وهو فيعل من ثاب لمعاودتهما التزوج
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»