عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٤٣
القارئ، لأبيه صحبه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن أبي نعيم عن سفيان، وأخرجه أبو داود في الصلاة عن حفص ابن عمرو وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن محمود بن غيلان وغيره وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة السرخسي وغيره. وأخرجه ابن ماجة في السنة عن محمد بن بشار به وغيره وهنا أدخل شعبة بين علقمة وأبي عبد الرحمن بن سعد بن عبيدة. وفي الحديث الآتي خالف الثوري شعبة ولم يدخله بينهما، وقد تابع شعبة جماعة وعدهم الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار في كتابه الهادي في القراءات فوق الثلاثين منهم، عبد بن حميد وقيس بن الربيع، قال: وقد تابع سفيان أيضا جماعة وعدهم فوق العشرين، منهم: مسعر وعمرو بن قيس الملائي وأخرج البخاري الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعا محفوظان: ورجح الحفاظ رواية الثوري، وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد، ويحمل بن علي أن علقمة سمعه أولا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن، فثبت فيه سعد.
وعلل أبو الحسن القشيري هذا الحديث بثلاث علل: الأولى: الاختلاف المذكور. الثانية: وقف من وقفه، وإرسال من أرسله. الثالثة: ما روي عن شعبة أنه قال: لم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان، وقيل لأبي حاتم: أسمع من عثمان قال: روي عنه لا يذكر سماعا. وأجيب عن الأولى: بأنه لا يوجب القدح في الحديث لأنا نعلم أن سفيان وشعبة إذا اختلفا في الحديث فالحديث حديث سفيان. قال وكيع: روي شعبة حديثا فقيل له: إن سفيان يخالفك فيه، قال: دعوا حديثي، سفيان أحفظ مني وعن الثانية: إن الاعتلال بالوقف والإرسال ليس بقادح لأن الزيادة عن الحافظ الثقة مقبولة إجماعا. وعن الثالثة: بأن بعضهم قالوا: إن الأكابر من الصدر الأول قالوا: إن أبا عبد الرحمن قرأ القرآن بن علي عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما،، فإن قلت: روي أبو الحسن سعيد بن سلام العطار البصري هذا الحديث عن محمد بن أبان عن علقمة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه عثمان. قلت: قال الدارقطني: وهم في ذكر أبان في إسناده، فقال أبو العلاء: فإن ثبت روايته فالحديث غريب بن علي أنه يحتمل أن يكون السلمي سمع الحديث من أبان ثم سمعه من عثمان نفسه، وروي عاصم بن علي في إحدى الروايتين عنه عن شعبة عن مسعر عن علقمة عن سعد بن عبيدة عن السلمي عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، فإن ثبتت هذه الرواية فهو غريب جدا ورواه محمد بن أبي بكر الحضرمي عن شريك عن عاصم بن بهدلة عن السلمي عن ابن مسعود، قال الدارقطني: وأصحها: علقمة عن سعد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان مرفوعا، وقد أدرج بعض الرواة في هذا الحديث كلمات يظن من لا علم له بمساق الحديث إنها مرفوعة، وهو أن أبا يحيى إسحاق بن سليمان الرازي روي عن الجراح بن الضحاك روي عن الجراح بن الضحاك عن علقمة عن السلمي عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وفضل بن علي سائر الكلام كفضل الخالق بن علي المخلوق، وذلك أنه منه، وهذه الزيادة إنما هي من كلام أبي عبد الرحمن، قال ذلك عامة الحفاظ بينها إسحاق بن راهويه وغيره.
قوله: (وعلمه) بواو العطف عند الأكثرين، وفي رواية السرخسي: أو علمه، بكلمة أو للتنويع لا للشك. وفي الحديث دلالة بن علي أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها، لأنه لما كان من تعلم القرآن أو علمه أفضل الناس أو خيرهم دل علي بن علي ما قلنا. فإن قلت: إيما أفضل تعلم القرآن أو تعلم الفقه؟ قلت: قال ابن الجوزي: تعلم اللازم منهما فرض بن علي الأعيان، وتعلم جميعهما فرض بن علي الكفاية إذا قام به قوم سقط عن الباقين، فإن فرضنا الكلام في التزيد منهما بن علي قدر الواجب في حق الأعيان فالمتشاغل بالفقه أفضل، وذلك راجع إلى حاجة الإنسان لأنه الفقه أفضل من القراءة، وإنما كان القارئ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفقه فلذلك قدم القارئ في الصلاة.
قال: وأقرأ أبو عبد الرحمان في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: وذاك الذي أقعدني مقعدي هاذا.
أي: قال سعد بن عبيدة أقرأ أبو عبد الرحمن من الإقراء يعني أقرأ أبو عبد الرحمن الناس في إمرة عثمان بن عفان إلى أن انتهى إقراؤه الناس إلى زمن الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذه مدة طويلة، ولم يبين ابتداء إقرائه، ولا انتهاء آخره بن علي التحرير، غاية ما في الباب أن بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج العراق ثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر، وبين آخر
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»