عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٤٥
زوجني فلانة، عن أبي النعمان عن حماد بن زيد إلى آخره مختصرا وفي: باب التزويج بن علي القرآن عن علي بن عبد الله وفي: باب المهر بالعروض عن يحيى عن وكيع مختصرا. وأخرجه بقية الجماعة فمسلم أخرجه في النكاح عن قتيبة بن سعيد، وأبو داود فيه عن القعنبي والترمذي فيه عن الحسن بن علي والنسائي فيه وفي فضائل القرآن عن هارون بن عبد الله وابن ماجة في النكاح عن حفص بن عمرو.
الثالث: في معناه قوله: (امرأة)، اختلف في اسم هذه المرأة الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: هي خولة بنت حكيم، وقيل: هي أم شريك الأزدية، وقيل: ميمونة، حكي هذه الأقوال الثلاثة أبو القاسم بن بشكوال في كتاب المبهماتوق ال شيخنا زين الدين لا يصح شيء من هذه الأقوال الثلاثة أما خوله فإنها لم تتزوج، وكذلك أم شريك لم تتزوج، وأما ميمونة فكانت إحدى زوجاته، فلا يصح أن تكون هذه لأن هذه قدر زوجها لغيره. قوله: (ولو خاتما)، بالنصب أي: ولو كان الذي يعطيها خاتما، ويروي بالرفع، فوجهه إن صحت الرواية يكون مرفوعا بكان التامة المقدرة أي: ولو كان خاتم. قوله: (من حديد) كلمة من بيانية. قوله: (فاعتل له) أي: حزن وتضجر لأجل ذلك، وقد جاء اعتل بمعنى تشاغل. قوله: (ما معك من القرآن؟) أي: أي شيء تحفظ من القرآن؟ قوله: (قال: كذا وكذا)، وقد جاء في رواية أبي داود سورة البقرة والتي تليها.
الرابع: في استنباط الأحكام منه وفيه: جواز عقد النكاح بلفظ الهبة، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي. وصورته أن يقول الرجل: قد وهبت لك ابنتي، فيقول الآخر: قبلت أو تزوجت، وسواه في ذلك سميا المهر أو لا فإن سمياه فلها المسمى وإلا فلها مهر مثلها. وقال الشافعي: لا ينعقد بلفظ الهبة، وبه قال ربيعة وأبو ثور وأبو عبيد ومالك بن علي اختلاف عنه. ولا خلاف في جواز هبة المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو من خصائصه لقوله عز وجل: * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * (الأحزاب: 05) وقال ابن القاسم عن مالك: لا تحل الهبة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه ما يستدل به الشافعي بن علي جواز النكاح بما تراضى عليه الزوجان: كالسوط والنعل، وإن كانت قيمته أقل من درهم، وبه قال ربيعة وأبو الزناد وابن أبي ذئب ويحيى بن سعيد والليث بن سعد ومسلم بن خالد الزنجي وأحمد وإسحاق والثوري والأوزاعي وداود وابن وهب من المالكية، وقال مالك لا يجوز أقل من ربع دينار قياسا بن علي القطع في السرقة، وقال ابن حزم: وجائز أن يكون صداقا كل ماله نصف قل أو كثر، ولو أنه حبة بر أو حبة شعير أو غير ذلك، واستدل بن علي ذلك بقوله: (ولو خاتما من حديد) وعن إبراهيم النخعي: أكره أن يكون المهر بمثل أجر البغي ولكن العشرة والعشرين، وعنه: السنة في النكاح الرطل من الفضة، وعن الشعبي: كانوا يكرهون أن يتزوج الرجل بن علي أقل من ثلاث أواقي. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز أن يكون الصداق أقل من عشرة دراهم، لما روي ابن أبي شيبة في مصنفه: عن شريك عن داود الزعافري عن الشعبي، قال: قال علي، رضي الله تعالى عنه: لا مهر أقل من عشرة دراهم. والظاهر أنه قال توفيقا لأنه باب لا يوصل إليه بالاجتهاد والقياس. فإن قلت: قال ابن حزم: الرواية عن علي باطلة لأنها عن داود الزعافري، وهو في غاية السقوط، ثم هي مرسلة لأن الشعبي لم يسمع من علي قط حديثا. قلت: قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا جاوز الحد إذا روي عنه ثقة، وإن كان ليس بقوي في الحديث فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روي عنه ثقة، وذكر عن المزي أن الشعبي سمع علي بن أبي طالب، ولئن سلمنا أن روايته مرسلة فقد قال العجلي: مرسل الشعبي صحيح ولا يكاد يرسل إلا صحيحا. والجواب عن قوله: (ولو خاتما من حديد) أنه خارج مخرج المبالغة كما في قوله: تصدقوا ولو بظلف محرق، وفي لفظ: ولو بفرسن شاة، وليس الظلف والفرسن مما يتصدق بهما ولا مما ينتفعه بهما، ويقال: ولعل الخاتم كان يساوي ربع دينار، ويقال: لعل التماسه للخاتم لم يكن كل الصداق بل شيء يعجله لها قبل الدخول: وفيه: إجازة اتخاذ خاتم الحديد. واختلف العلماء في جواز لبسه، وفيه: ما يستدل به الشافعي وأحمد في رواية، والظاهرية بن علي جواز التزويج بن علي سورة من القرآن، وعليه أن يعلمها ولم يجوز ذلك أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد في رواية صحيحة والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه، وقالوا: إذا تزوجها علي تعليم سورة فالنكاح صحيح ويجب فيه مهر مثلها، وهذا كمن تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا فإنه يجب مهرا لمثل وأجاب الطحاوي عنه بأن قوله: (زوجتكها بما معك من القرآن) أن حمل بن علي الظاهر، فذلك بن علي السورة لا بن علي تعليمها، وإذا كان ذلك بن علي السورة فهو بن علي حرمتها، وليس فيه التعرض للمهر كما في تزوج أم سليم بن علي إسلامه
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»