عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٤٢
قوله: (على جرية الماء) أي: جريانه (فصار عليه مثل الطاق)، أي: مثل عقد البناء، وعن الكلبي توضأ يوشع من عين الحياة فانتضح على الحوت المالح في المكتل من ذلك الماء فعاش، ثم وثب في الماء فجعل يضرب بذنبه فلا يضرب بذنبه شيئا في الماء وهو ذاهب إلا يبس. قوله: (غداءنا)، أي: طعامنا وزادنا. قوله: (نصبا) أي: شدة وتعبا، وذلك أنه ألقى على موسى عليه الصلاة والسلام، الجوع بعدما جاوز الصخرة ليتذكر الحوت ويرجع إلى موضع، مطلبه. قوله: (نبغي) أي: نطلب، انتهى. قوله: (فارتدا)، أي: رجعا على آثارهما التي جاء منها. قوله: (قصصا) أي: يقصان الأثر ويتبعانه. قوله: (مسجى)، أي: مغطى، قوله: (فقال الخضر)، بفتح الخاء وكسر الضاد وسكونها مع فتح الخاء وكسرها، ولقد ذكرنا في أحاديث الأنبياء سبب تسميته بالخضر، واسمه: بليا: بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وتخفيف الياء آخر الحروف، مقصورا. قوله: (وأنى بأرضك السلام؟)، أي: من أين؟ قوله: (رشدا). أي: علما ذا رشد أرشد به في ديني، وقال الزمخشري: (رشدا) قرىء يعني: في القرآن، بفتحتين وبضمة وسكون. قوله: (إنك لن تستطيع معي صبرا) (الكهف: 76) أي: لن تصبر على صنعي فيثقل عليك الصبر عن الإنكار أو السؤال. قوله: (فلا تسألني عن شيء)، أي: شيء أعلمه مما تنكره. قوله: (ذكرا)، أي: حتى ابتدىء بذكره لك وأبين لك شأنه. قوله: (بغير نول)، بفتح النون وسكون الواو أي: بغير أجرة. قوله: (لم يفجأ)، يقال: فجأه الأمر فجاءة بضم الفاء وبالمد: إذا أتاه بغتة من غير توقع. قوله: (أمرا) بكسر الهمزة أي منكرا، وعن القتبي: عجبا، والأمر، في كلام العرب الداهية قوله: * (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا) * أي: تحقق ما قلت لك، قال له موسى عليه الصلاة والسلام: * (لا تؤاخذني بما نسيت) * أي: لا تؤاخذني بالنسيان. قوله: * (لا ترهقني من أمري عسرا) * أي: لا تعنفني بما تركت من وصيتك ولا تطردني عنك، وقيل: لا تضيق علي أمري معك وصحبتي إياك. قوله: (إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر)، هذا التشبيه لبيان القلة والحقارة فقط، وقيل: معنى نقص أخذ. قوله: (وهذا أشد من الأولى) أي: أوكد من الأولى حيث زاد كلمة: لك. قوله: (غلاما)، اسمه خوش بود، وقيل: جيسور، واسم أبيه: ملاس، واسم أمه: رحمه، وكان ظريفا وضيء الوجه. قوله: (فاقتلعه)، أي: فاقتلع الخصر رأس الغلام فقتله، وقيل: أضجعه فذبحه بالسكين، وعن الضحاك: كان غلاما يعمل الفساد ويتأذى منه أبواه، وعن الكلبي: كان يقطع الطريق ويأخذ المتاع ويلجأ إلى أبويه فيحلفان دونه، فأخذه الخضر فصرعه ونزع رأسه من جسده، وقيل: رفسه برجله، وعن ابن عباس: كان غلاما لم يبلغ الحنث. قوله: (زاكية)، أي: ظاهرة، وقيل: مسلمة، وعن الكسائي: الزاكية والزكية لغتان، وعن أبي عمرو: الزاكية التي لم تذنب، والزكية التي أذنبت ثم تابت، قوله: (نكرا)، أي: منكرا، وعن قتادة وابن كيسان: النكر أشد وأعظم من الأمر. قوله: (فلا تصاحبني)، يعني: فارقني. قوله: (عذرا)، يعني: في فراقي. قوله: (أهل قرية) هي أنطاكية، وعن ابن سيرين: الأيلة، وهي أبعد أرض من الخير، قوله: (يضيفوهما)، أي: ينزلوهما منزلة الأضياف. قوله: (فيها)، أي: في القرية، قوله: (جدارا)، قال وهب: كان طوله في السماء مائة ذراع. قوله: (يريد أن ينقض)، هذا مجاز لأن الجدار لا إرادة له، ومعناه قرب ودنا من ذلك. قوله: (أن ينقض)، أي: أن يسقط وينهدم، ومنه انقضاض الكواكب وزوالها عن أماكنها، وقيل: ينقطع وينصدع. قوله: (فأقامه) أي: سواه. قوله: (أجرا)، أي: أجرة وجعلا، وقيل: قرىء: وضيافة، وبقية الكلام قد مرت في كتاب العلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
3 ((باب قوله: * (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا مذهبا يسرب يسلك. ومنه وسارب بالنهار) * (الكهف: 16)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (فلما بلغا مجمع بينهما) * ووقع في رواية الأصيلي: فلما بلغ مجمع بينهما، والأول هو الموافق للتلاوة. قوله: (فلما بلغا)، يعني: موسى ويوشع عليهما الصلاة والسلام. قوله: (بينهما) (الرحمن: 22)، أي: بين البحرين. قوله: (نسيا حوتهما) قال الثعلبي: وكان الحوت مع يوشع وهو الذي نسيه فصرف النسيان إليهما، والمراد أحدهما، كما قال: * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * (الرعد: 01) وإنما يخرج من الملح. قوله: (سربأ). قد مر الكلام فيه في الباب السابف قوله: (ومنه) أي ومن (سريا) قوله تعالى: (وسارب بالنهار) وقال أبو عبيدة: أي سالك في سربه، أي: مذهبه، ومنه: نسرب فلان إذا مضى.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»