عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٤
أشار به إلى قوله تعالى: * (إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) * (إبراهيم: 12) التبع جمع تابع كخدم جمع خادم ومثله البخاري بقوله مثل غيب بفتحتين جمع غائب وقيل معناه إنا كنا لكم ذوي تبع.
بمصرخكم استصرخني استغاثني يستصرخه من الصراخ أشار به إلى قوله: * (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) * (إبراهيم: 22) وهذا لم يثبت إلا في رواية أبي ذر، قوله: ما أنا بمصرخكم. أي: ما أنا بمغيثكم. قال أبو عبيدة، وقال الزمخشري: ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي لا ينجي بعضنا بعضا من عذاب الله ولا يغيثه، والإصراخ الإغاثة، وقرئ بمصرخي، بكسر الياء وهي ضعيفة. قلت: القراءة الصحيحة فتح الياء وهو الأصل، وقرأ حمزة بكسر الياء، وقال الزجاج: هي عند جميع النحويين ضعيفة لا وجه لها إلا وجه ضعيف، وهو ما أجازه الفراء من الكسر على الأصل لالتقاء الساكنين.
قوله: (استصرخني) وقيل استصرخني فلان، أي: استغاثني، فأصرخته أي أغثته. قوله: (يستصرخه) معناه يصيح به، فلذا قال: (من الصراخ) بالخاء المعجمة وهو الصوت.
ولا خلال مصدر خاللته خلالا ويجوز أيضا جمع خلة وخلال أشار به إلى قوله تعالى: * (يوم لا بيع فيه ولا خلال) * (إبراهيم: 13) وذكر في لفظ خلال وجهان: أحدهما: أنه مصدر خاللته خلال، والمعنى: ولا مخاللة خليل. وثانيهما: إنه جمع خلة، مثل: ظلة وظلال، وهذا الوجه قاله أبو علي الفارسي، وجمهور أهل اللغة على الأول، والخلة، بضم الخاء: الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله أي: في باطنه، ومنه الخليل وهو الصديق.
اجتثت استؤصلت أشار به إلى قوله تعالى: * (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتئت من فوق الأرض ما لها من قرار) * (إبراهيم: 62) وفسر هذه اللفظة بقوله: استؤصلت، وهو على صيغة المجهول من الاستئصال، وهو القلع من أصله.
1 ((باب قوله: * (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين) * (إبراهيم: 42 52)) هذا باب في قوله تعالى: * (كشجرة طيبة) * وليس في أكثر النسخ لفظ: باب. وفي رواية أبي ذر إلى قوله: (ثابت) وفي رواية غيره إلى (حين) الكلام. أولا: في وجه التشبيه بين الكلمة الطيبة والشجرة الطيبة، وبيانه موقوف على تفسير الكلمة الطيبة والشجرة الطيبة. فالكلمة الطيبة شهادة أن لا إل 1764; ه إلا الله، نقل ذلك عن ابن عباس، وهو قول الجمهور، والشجرة الطيبة فيها أقوال، فقيل: كل شجرة طيبة مثمرة، وقيل: النخلة، وقيل: الجنة، وقيل: شجرة في الجنة، وقيل: المؤمن، وقيل: قريش، وقيل: جوز الهند. وأما بيان وجه التشبيه على القول الأول فهو من حيث الحسن والزهارة والطيب والمنافع الحاصلة في كل واحدة من كلمة الشهادة والشجرة الطيبة المثمرة، وأما على القول الثاني، وهو الذي عليه الجمهور فهو من حيث كثرة الخير في العاجل والآجل وحسن المنظر والشكل الموجود في كل واحد من كلمة الشهادة والنخلة، فإن كثرة الخير في العاجل والآجل مستمرة في صاحب كلمة الشهادة، وكذلك حسن المنظر والشكل، وفي النخلة كذلك فإنها كثيرة الخير وطيبة الثمرة من حين تطلع يؤكل منها حتى تيبس، فإذا يبست يتخذ منها منافع كثيرة من خشبها وأغصانها وورقها ونواها، وقيل: وجه التشبيه أن رأسها إذا قطع ماتت بخلاف باقي الشجر، وقيل: لأنها لا تحمل حتى تلقح، وقيل: إنها فضلة طينة آدم عليه الصلاة والسلام، على ما روي، وقيل: في علو فروعها كارتفاع عمل المؤمن، وقيل: لأنها شديدة الثبوت كثبوت الإيمان في قلب المؤمن. وأما على القول الثالث: إنها شجرة في الجنة رواه أبو ظبيان عن ابن عباس فهو من حيث الدوام والثبوت على ما لا يخفى. وأما على القول الرابع: فهو من حيث ارتفاع عمل المؤمن الصالح في كل وقت، ووجود ثمرة النخلة في كل حين. وأما على القول الخامس: فهو من حيث ارتفاع القدر في كل واحد من قريش، والنخلة، أما قريش فلا شك أن قدرهم مرتفع على سائر قبائل العرب، وأما النخلة فكذلك على سائر الأشجار من الوجوه التي ذكرناها، وأما على القول السادس: الذي هو جوز الهند
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»