عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٦
أشار به إلى قوله تعالى: * (ربكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر) * (الإسراء: 66) وفسر: (يزجي)، من الإزجاء الزاي، بقوله: (يجري) من الإجراء بالراء المهملة، ويقال: معناه يسوق الفلك ويسيره حالا بعد حال، ويقال: أزجيت الإبل سقتها، والريح تزجي السحاب والبقرة تزجي ولدها، وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة: يزجي الفلك أي يسيرها في البحر، والله أعلم.
((باب قوله: * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها) * (الإسراء: 61)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (وإذا أردنا أن نهلك قرية) * الآية. أي إذا أردنا إهلاك قرية أمرنا، بفتح الميم من: أمر، ضد نهى، وهي قراءة الجمهور، وفيه حذف تقديره * (أمرنا مترفيها) * بالطاعة * (ففسقوا) * أي: فخرجوا عن الطاعة * (فحق عليها القول) * أي: فوجب عليهم العذاب * (فدمرنا تدميرا) * أي: فخربنا تخريبا وأهلكنا من فيها إهلاكا، وفسر بعضهم: أمرنا: بكثرنا. وقال الزمخشري: وقرئ (آمرنا) من أمر يعني بكسر الميم وأمره غيره وأمرنا بمعنى أمرنا أو من أمر إمارة وأمره الله أي: جعلناهم أمراء وسلطناهم. قوله: (مترفيها) جمع مترف وهو المتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا.
1174 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان أخبرنا منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية أمر بنو فلان.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: أمر، فإنه بفتح الميم وكسرها كما جاءت القراءات المذكورة في الآية المذكورة مبنية على الاختلاف في معنى: أمر، الذي هو الماضي، والاختلاف في بابه.
وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة، ومنصور هو ابن المعتمر، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة وعبد الله هو ابن مسعود.
قوله: (للحي) أي: للقبيلة. قوله: (أمر)، بكسر الميم بمعنى كثر، وجاء بفتح الميم أيضا، وهما لغتان جاءتا بمعنى: كثر، وفيه رد على ابن التين حيث أنكر الفتح في معنى كثر، وقال بعضهم: وضبط الكرماني أحدهما بضم الهمزة وهو غلط منه. قلت: لم يصرح الكرماني بذلك بل نسبه إلى الحميدي، وفيه المناقشة.
حدثنا الحميدي حدثنا سفيان وقال: أمر أشار بذلك إلى أن سفيان بن عيينة روى عنه الحميدي: (أمر)، بفتح الميم، وروى عنه علي بن عبد الله: أمر، بكسر الميم وهما لغتان كما ذكرنا في معنى: كثر والحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى ونسبته إلى أحد أجداده حميد، وقد مر غير مرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
5 ((باب: * (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا) * (الإسراء: 3)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (ذرية من حملنا مع نوح) * إلى آخره... قال المفسرون: يعني يا ذرية من حملنا، وقال الزمخشري: وقرئ ذرية بالرفع بدلا من واو تتخذوا، وقرأ زيد بن ثابت رضي الله عنه، ذرية، بكسر الذال، وروى عنه أنه فسرها بولد الولد. قوله: (إنه كان عبدا شكورا)، قال المفسرون: كان نوح عليه الصلاة والسلام، إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما أو شرب شرابا قال: الحمد لله، فسمى عبدا شكورا، وعن عمران بن سليم: إنما سمي نوح عليه الصلاة والسلام، عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل طعاما قال: الحمد لله الذي أطعمني، ولو شاء أجاعني، وإذا شرب شرابا، قال: الحمد لله الذي سقاني ولو شاء أظمأني، وإذا اكتسى، قال: الحمد لله الذي كساني ولو شاء أعراني، وإذا احتذى قال: الحمد لله الذي حذاني ولو شاء أحفاني، وإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذي أخرج عني أذاء في عافية ولو شاء حبسه.
2174 حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا أبو حيان التيمي عن أبي زرعة ابن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»