ثم مات آخر وصوره حتى ماتوا كلهم وتنغصت الأشياء إلى أن تركوا عبادة الله بعد حين، فقال الشيطان للناس: ما لكم لا تعبدون إلاهكم وإلاه آبائكم ألا ترونها في مصلاكم؟ فعبدوها من دون الله حتى بعث الله، عز وجل، نوحا عليه الصلاة والسلام وقال السهيلي: يغوث هو ابن شيث، عليه الصلاة والسلام، وابتداء عبادتهم من زمن مهلائيل بن قينان، وفي (كتاب العين) ود بفتح الواو صنم كان لقوم نوح عليه الصلاة والسلام، وبضمها صنم لقريش، وبه سمي عمرو بن عبد ود، وقراءة نافع بالضم والباقون بالفتح، وقال الماوردي: هو أول صنم معبود وسمي ودا لودهم له، وكان بعد قوم نوح، عليه الصلاة والسلام، لكلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وكان بدومة الجندل، وسواع كان على صورة امرأة، وكان لهذيل بن مدركة بن الياس بن مضر برهاط موضع بقرب مكة شرفها الله بساحل البحر، ويغوث كان لمراد ثم لبني غطيف بالجوف من أرض اليمن على ما نذكره في الحديث.
0294 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل وأما صواغ فكانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمواد ثم لبني غطيف بالجوف عند صبا وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وهشام هو ابن يوسف الصنعاني، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وعطاء هو الخراساني، وليس بعطاء بن أبي رباح ولا بعطاء بن يسار. قاله الغساني، وقال ابن جريج: أخذه من كتاب عطاء لا من السماع منه ولهذا قيل: إنه منقطع لأن عطاء الخراساني لم يلق ابن عباس، وقال أبو مسعود: ظن البخاري أنه ابن أبي رباح وابن جريج لم يسمع التفسير من الخراساني، وإنما أخذ الكتاب من ابنه ونظر فيه، وروى عن صالح بن أحمد عن ابن المديني، قال: سألت يحيى بن سعيد عن أحاديث ابن جريج عن عطاء الخراساني، فقال: ضعيف. فقلت: ليحيى: إنه كان يقول أخبرنا. قال: لا شيء كله ضعيف إنما هو كتاب دفعه إليه ابنه، وقيل: في معاضدة البخاري في هذا، إنه بخصوصه عند ابن جريج عن عطاء الخراساني، وعن عطاء بن أبي رباح جميعا ولا يخفى على البخاري ذلك مع تشدده في شرط الاتصال واعتماده عليه، ويؤيد هذا إنه لم يكثر من تخريج هذا وإنما ذكره بهذا الإسناد في موضعين هذا والآخر في النكاح، ولو كان يخفى عليه ذلك لاستكثر من إخراجه لأن ظاهره على شرطه. انتهى. قلت: فيه نظر لا يخفى لأن تشدده في شرط الاتصال لا يستلزم عدم الخفاء عليه أصلا فسبحان من لا يخفى عليه شيء وقوله: على ظاهره. على شرطه ليس بصحيح لأن الخراساني من أفراد مسلم كما ذكر في موضعه.
قوله: (الأوثان)، جمع وثن وفي (المغرب) الوثن ما له جثة من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر ينحت، وكانت العرب تنصب الأوثان وتعبدها. قوله: (في العرب بعد)، بضم الدال أي: بعد كون الأوثان في قوم نوح، عليه الصلاة والسلام، كانت في العرب، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانت الأوثان آلهة يعبدها قوم نوح، عليه الصلاة والسلام، ثم عبدتها العرب بعد، وعن أبي عبيدة: زعموا أنهم كانوا مجوسا وأنها غرقت في الطوفان فلما نصب الماء عنها أخرجها إبليس، عليه اللعنة فبثها في الأرض قبل قوله: كانوا مجوسا غير صحيح لأن المجوسية نخلة ظهرت بعد ذلك بدهر طويل. قوله: (أما ود)، شرع في تفصيل هذه الأوثان وبيانها. قوله: أما، بكلمة التفصيل. قوله: (لكلب)، وقد ذكرنا عن قريب أن كلبا هو ابن وبرة بن تغلب. قوله: (بدومة الجندل)، بضم الدال والجندل بفتح الجيم وسكون النون مدينة من الشام مما يلي العراق ويقال: بين المدينة والشام، والعراق وفيها اجتمع الحكمان. قوله: (لهذيل) مصغر الهذل قبيلة وهو ابن مدركة