عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٢
وأيوب هو السختياني، وحفصة هي بنت سيرين أخت محمد بن سيرين، وأم عطية اسمها نسيبة بنت الحارث وقد ترجمناها في كتاب الجنائز.
والحديث أخرجه أيضا في كتاب الأحكام عن مسدد.
قوله: (ونهانا عن النياحة)، وهو اسم من ناحت المرأة على الميت إذا ندبته، وذلك أن تبكي وتعدد محاسنه. وقيل: النوح بكاء مع الصوت ومنه: ناح الحمام نوحا. قوله: (فقبضت امرأة يدها) هذه المرأة هي أم عطية المذكورة، ولكنها أبهمت نفسها. والدليل عليه ما في رواية النسائي: أن امرأة ساعدتني فلا بد أن أسعدها، وفي رواية عاصم: فقلت: يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بد من أن أسعدهم. قال الخطابي: يقال: أسعدت المرأة صاحبتها إذا قامت في نياحة معها تراسلها في نياحتها، والإسعاد خاص في هذا المعنى بخلاف المساعدة فإنها عامة في جميع الأمور. قوله: (فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا)، يعني: سكت ولم يرد عليها بشيء، وفي رواية النسائي: اذهبي فأسعديها. قالت: فذهبت فأسعدتها ثم جئت فبايعت. وهو معنى قولها: فانطلقت ورجعت، يعني: انطلقت وأسعدت تلك المرأة التي أسعدتها هي ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعها النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأم عطية في إسعاد تلك المرأة، وقال النووي: هذا محمول على الترخيص لأم عطية خاصة، وللشارع أن يخص من شاء من العموم، وقيل: فيه نظر إلا إن ادعى أن التي ساعدتها لم تكن أسلمت، وجه النظر أن تحليل شيء من المحرمات لا يختص به وأيضا أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس. قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئا الآية. قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله إن أبي وأخي ماتا في الجاهلية، وإن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها وأخرج الترمذي من طريق سعد بن حوشب عن أم سلمة الأنصارية أسماء بنت يزيد. قالت: قلت: يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي، ولا بد من قضائهن، فأبى. قالت: فراجعته مرارا فأذن لي ثم لم أنج بعد، وأخرج أحمد والطبراني من طريق مصعب بن نوح. قال: أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأخذ علينا أن لا ننحن. فقالت العجوز: يا نبي الله إن ناسا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا، وأنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال: اذهبي فكافئيهم. قالت: فانطلقت فكافأتهم ثم أنها أتت فبايعته قلت: فبهذه الأحاديث استدل بعض المالكية على جواز النياحة، وأن المحرم منها ما كان معه شيء من أفعال الجاهلية من شق جيب وخمش خد ونحو ذلك، والصواب: أن النياحة حرام مطلقا، وهو مذهب العلماء، والجواب الذي هو أحسن الأجوبة وأقربها أن يقال: إن النهي ورد أولا للتنزيه، ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم، فيكون الإذن الذي وقع لمن ذكر في الحالة الأولى ثم وقع التحريم وورد الوعيد الشديد في أحاديث كثيرة، والله أعلم. فإن قلت: في حديث الباب فقبضت يدها، وهو يعارض حديث عائشة المذكور قبل هذا؟ قلت: قد ذكرنا هناك أن المراد بالقبض التأخر عن القبول جمعا بين الحديثين فافهم.
3984 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت الزبير عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: * (ولا يعصينك في معروف) * (الممتحنة: 21) قال: إنما هو شرط شرطه الله للنساء.
مطابقته للترجمة في بعض ما فيها، وعبد الله بن محمد المسندي، ووهب هو ابن جرير يروي عن أبيه جرير بن حازم، والزبير بضم الزاي ابن خريت، بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وسكون الباء آخر الحروف وبالتاء المثناة من فوق مر في سورة الأنفال.
قوله: (في معروف)، قال المفسرون: هو النوح، وقيل: لا تخلو امرأة بغير ذي محرم، وقيل: لا تخمش وجهها ولا نشق جيبا ولا تدعو ويلا ولا تنشد شعرا. وقيل: الطاعة لله ولرسوله. وقيل: في كل أمر فيه رشدهن، وقيل: هو عام في كل معروف أمر الله تعالى به. قوله: (للنساء)، أي: على النساء. قيل: وعلى الرجال أيضا. فما وجه التخصيص بهن؟ أجيب: بأن مفهوم اللقلب مردود.
4984 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال الزهري حدثناه قال حدثني أبو إدريس سمع عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتبايعوني على
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»