من أقوى إذا دخل في أرض القي فألقى، والقواء القفر الخالية البعيدة من العمران والأهلين، ويقال: أقوت الدار إذا خلت من سكانها، وقال مجاهد: للمقوين للمستمتعين بها من الناس أجمعين المسافرين والحاضرين يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون بها في البرد وينتفعون بها في الطبخ والخبز ويتذكرون بها نار جهنم ويستجيرون الله منها. وقال قطرب: المقوى من الأضداد يكون بمعنى الفقير ويكون بمعنى الغني. يقال: أقوى الرجل إذا قويت دوابه وإذا أكثر ماله.
بمواقع النجوم: بمحكم القرآن، ويقال: بمسقط النجوم إذا سقطن، ومواقع وموقع واحد.
أشار به إلى قوله تعالى: * (فلا أقسم بمواقع النجوم) * (الواقعة: 57) وفسره بشيئين أحدهما قوله: (بمحكم القرآن) وقال الفراء: حدثنا فضيل ابن عباس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما وبقراءته قرأ حمزة والكسائي، وخلف، والآخر بقوله: (ومسقط النجوم إذا سقطن) ومساقط النجوم مغربها، وعن الحسن: انكدارها وانتشارها يوم القيامة، وعن عطاء بن أبي رباح: منازلها. قوله: (فلا أقسم)، قال أكثر المفسرين معناه: أقسم، ولا نسلة وقال بعض أهل العربية، معناه فليس الأمر كما تقولون: ثم استأنف القسم. فقال: أقسم قوله: (ومواقع وموقع واحد) ليس قوله: (واحد) بالنظر إلى اللفظ ولا بالنظر إلى المعنى، ولكن باعتبار أن ما يستفاد منهما واحد، لأن الجمع المضاف والمفرد المضاف كلاهما عامان بلا تفاوت على الصحيح، قال الكرماني: إضافته إلى الجمع تستلزم تعدده. كما يقال: قلب القوم والمراد قلوبهم.
مدهنون: مكذبون، مثل: لو تدهن فيدهنون أشار به إلى قوله تعالى: * (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون) * (الواقعة: 78) أي: مكذبون، وكذا فسره الفراء هنا وقال في قوله: لو تدهن فيدهنون. أي: تكفر لو يكفرون، يقال: قد ادهن أي: كفر. قوله: (أفبهذا الحديث) يعني: القرآن (مدهنون) قال ابن عباس: أي: كافرون، وعن ابن كيسان: المدهن الذي لم يفعل ما يحق عليه ويدفعه بالمال، وعن المؤرخ المدهن: المنافق الذي يلين جانبه ليخفي كفره، وادهن وداهن واحد وأصله من الدهن.
فسلام لك. أي مسلم لك إنك من أصحاب اليمين وألغيت إن وهو معناها كما تقول أنت مصدق مسافر عن قليل إذا كان قد قال إني مسافر عن قليل وقد يكون كالدعاء له كقولك فسقيا من الرجال إن رفعت السلام فهو من الدعاء.
أشار به إلى قوله تعالى: * (وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين) * (الواقعة: 09، 19) وأشار إلى أن كلمة: أن، فيه محذوفة وهو قوله: * (أنك من أصحاب اليمين) *. قوله: (وألغيت: إن) بالغين المعجمة من الإلغاء، وروى: وألقيت بالقاف وهو بمعناه. قوله: (وهو معناها) أراد به أن كلمة: إن، وإن حذفت فمعناها مراد. قوله: (كما تقول) إلى قوله: (عن قليل)، تمثيل لما ذكره أي: كقولك لمن قال إني مسافر عن قريب أنت مصدق مسافر عن قليل أي أنت مصدق إنك مسافر عن قليل، فحذف لفظ: إن، هنا أيضا، ولكن معناها مراد قوله: (وقد يكون)، أي: لفظ سلام. (كالدعاء له) أي: لمن خاطبه من أصحاب اليمين، يعني: الدعاء له منهم كقولك، فسقيا لك من أصحاب اليمين، وانتصاب: سقيا على أنه مصدر لفعل محذوف تقديره: سقاك الله سقيا، وأما رفع السلام فعلى الابتداء. وإن كان نكرة لأنه دعاء وهو من المخصصات ومعناه: سلمت سلاما ثم حذف الفعل ورفع المصدر. وقيل: تعريف المصدر وتنكيره سواء لشموله فهو راجع إلى معنى العموم، وقال: الزمخشري: معناه سلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي: يسلمون عليك، وقال الثعلبي: فسلام لك رفع على معنى: فلك سلام أي: سلامة لك يا محمد منهم فلا تهتم لهم، فإنهم سلموا من عذاب الله تعالى، وقال الفراء: مسلم لك أنهم من أصحاب اليمين، ويقال: لصاحب اليمين إنه مسلم لك أنك من أصحاب اليمين، وقيل: سلام عليك من أصحاب اليمين. قوله: (إن رفعت السلام) قيل: لم يقرأه أحد بالنصب فلا معنى لقوله: إن رفعت، وأجيب بأن: سقيا بالنصب يكون دعاء، بخلاف السلام فإنه بالرفع دعاء وبالنصب لا يكون دعاء.