عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٨١
أصحاب علي، رضي الله تعالى عنه، كراهة التحكيم وقال الكرماني: كان سهل يتهم بالتقصير في القتال. فقال: اتهموا أنفسكم فإني لا أقصر وما كنت مقصرا وقت الحاجة. كما في يوم الحديبية، فإني رأيت نفسي يومئذ بحيث لو قدرت مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلت قتالا عظيما. لكن اليوم لا نرى المصلحة في القتال بل التوقف أولى لمصالح المسلمين، وأما الإنكار على التحكيم أفليس ذلك في كتاب الله تعالى؟ فقال علي، رضي الله تعالى عنه، نعم، المنكرون هم الذين عدلوا عن كتاب الله لأن المجتهد لما رأى أن ظنه أدى إلى جواز التحكيم فهو حكم الله، وقال سهل: اتهموا أنفسكم في الإنكار لأنا أيضا كنا كارهين لترك القتال يوم الحديبية وقهرنا النبي صلى الله عليه وسلم على الصلح. وقد أعقب خيرا عظيما قوله: * (ولقد رأيتنا) * أي: ولقد رأيت أنفسنا. قوله: (ولو نرى) بنون المتكلم مع غيره. قوله: (أعطي)، بضم الهمزة وكسر الطاء ويروى: نعطي، بالنون. قوله: (الدنية) بكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف أي: الخصلة الدنية وهي المصالحة بهذه الشروط التي تدل على العجز، والضعف. قوله: (فلم يصبر حتى جاء أبا بكر) قال الداودي: ليس بمحفوظ إنما كلم أبا بكر أولا ثم كلم النبي صلى الله عليه وسلم.
94 ((* (سورة الحجرات) *)) أي: هذا تفسير بعض سورة الحجرات، وفي بعص النسخ: الحجرات، بدون لفظ: سورة، وهي رواية غير أبي ذر، ورواية أبي ذر: سورة الحجرات: قال أبو العباس: مدنية، كلها ما بلغنا فيها اختلاف، وقال السخاوي: نزلت بعد المجادلة وقبل التحريم، وهي ألف وأربعمائة وستة وسبعون حرفا. وثلاثمائة وثلاث وأربعون كلمة. وثمان عشرة آية. وقال الزجاج: يقرأ الحجرات بضم الجيم وفتحها ويجوز في اللغة التسكين ولا أعلم أحدا قرأه وهي جمع الحجر والحجر جمع حجرة وهو جمع الجمع، والمراد بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
(بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة لأبي ذر ليس إلا.
وقال مجاهد لا تقدموا لا تفتانوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي الله على لسانه.
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * (الحجرات: 1) وفسر قوله: * (لا تفتاتوا) * أي: لا تسبقوا من الإفتيات وهو افتعال من الفوت وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمر، ومادته فاء وواء وتاء مثناة من فوق، وقال المفسرون: اختلف في معنى قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا) * الآية. فعن ابن عباس. لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة. وعنه: لا تتكلموا بين يدي كلامه، وعن جابر والحسن: لا تذبحوا قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يعيدوا الذبح، وعن عائشة: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم، وعن عبد الله بن الزبير، قال: قدم وفد من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس، وقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، وقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما فأنزل الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * الآية، وعن الضحاك: يعني في القتال وشرائع الدين يقول: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله، وعن الكلبي: لا تسبقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول ولا فعل حتى يكون هو يأمركم، وعن ابن زيد: لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله ولا تمشوا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (لا تقدموا)، بضم التاء وتشديد الدال المكسورة. وقال الزمخشري: قدمه وأقدمه منقولان بتنقيل الحشو والهمزة من قدمة إذا تقدمه وحذف مفعوله ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدم، وعن ابن عباس: أنه قرأ بفتح التاء والدال وقرأ: لا تقدموا، بفتح التاء وتشديد الدال بحذف إحدى التاءين من تتقدموا.
امتحن أخلص أشار به إلى قوله تعالى: * (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) * (الحجرات: 3) وفسره بقوله: أخلص، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة. قال: أخلص الله قلوبهم فيما أحب.
تنابزوا يدعى بالكفر بعد الإسلام أشار به إلى قوله تعالى: * (ولا تنابزوا بالألقاب) * (الحجرات: 11) بما حاصله من مصدره، وهو التنابز، وهو أن يدعى الرجل بالكفر بعد الإسلام، وحاصله ما قاله مجاهد: لا تدعو الرجل بالكفر وهو مسلم، وعن عكرمة: هو قول الرجل للرجل: فاسق
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»