عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٢٩
أشار به إلى قوله تعالى: * (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) * (سبإ: 3). وفسر: (لا يعزب) بقوله (لا يغيب)، وروى هذا التعليق أبو محمد الحنظلي عن أبي سعيد الأشج: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس: لا يعزب لا يغيب عن ربك.
العرم السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد ولاكن كان عذابا أرسله الله عليهم من حيث شاء: وقال عمرو بن شرحبيل. العرم المسناة بلحن أهل اليمن: وقال غيره العرم الوادي.
أشار به إلى قوله تعالى: * (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم) * (سبإ: 61). وفسر: (العرم) بقوله: (السد)... إلى آخره، صاحب (التلويح): هل وجدناه منقولا عن مجاهد؟ قال ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة أخبرنا أخبرنا شبابة أخبرنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، فذكره، فلا أدري أهو من قول البخاري أو هو معطوف على ما علقه عن مجاهد قبل؟ والله أعلم. وبين السهيلي أنه من كلام البخاري لا من كلام غيره. قلت: رواية ابن أبي حاتم توضح أنه من قول مجاهد لأن البخاري مسبوق به، فافهم. والله أعلم. (والسد) بضم السين وتشديد الدال، كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر عن الحموي الشديد، بالشين المعجمة على وزن عظيم. قوله: (فشقه)، من الشق بالشين المعجمة والقاف، هكذا في رواية الأكثرين، وذكر عياض أن في رواية أبي ذر: فبثقه، بفتح الباء الموحدة والتاء المثلثة، قال: وهو الوجه، تقول: بثقت النهر إذا كسرته لتصرفه عن مجراه. قوله: (فارتفعتا عن الجنتين)، كان القياس أن يقال: ارتفعت الجنتان عن الماء ولكن المراد من الارتفاع الانتفاء، والزوال يعني ارتفع اسم الجنة عنهما فتقديره: ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة. وقال الزمخشري: وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة، هذا كله في رواية أبي ذر عن الحموي، وفي رواية الأكثرين: فارتفعت على الجنتين، بفتح الجيم والنون والباء الموحدة والتاء المثناة من فوق والياء آخر الحروف ثم النون قوله: (ولم يكن الماء الأحمر من السد)، بضم السين المهملة وتشديد الدال، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي من السيل، وعند الإسماعيلي: من السيول. قوله: (وقال عمرو بن شرحبيل)، بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وباللام: الهمداني الكوفي، يكنى أبا ميسرة. قوله: (المسناة)، بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون، كذا هو مضبوط في أكثر الروايات وكذا هو في أكثر كتب أهل اللغة، وضبط في رواية الأصيلي بفتح الميم وسكون السين وتخفيف النون، وقال ابن التين: معنى المسناة ما يبنى في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض، قال: إنها عند أهل العراق كالزريبة تبنى على سيف البحر ليمنع الماء. قوله: (بلحن أهل اليمن)، أي: بلغة أهل اليمن، وهذا أسنده عبد بن حميد عن يحيى بن عبد الحميد عن شريك عن أبي إسحاق عنه، وقال بلسان اليمن بدل بلحن. قوله: (وقال غيره)، أي: غير عمرو بن شرحبيل (العرم الوادي)، وهو قول عطاء، وقيل: هو اسم الجرد الذي أرسل إليهم (وحرب السد) وقيل: هو الماء، وقيل: المطر الكثير، وقيل: إنه صفة السيل من العرامة وهو ذهابه كل مذهب، وقال أبو حاتم: هو جمع لا واحد له من لفظه، وفي كتاب: (مفايض الجواهر): قال ابن شربة: في زمن إياس بن رحيعم بن سليمان بن داود عليهما السلام، بعث الله رجلا من الأزد يقال له عمرو بن الحجر وآخر يقال له حنظلة بن صفوان، وفي زمنه كان خراب السد، وذلك أن الرسل دعت أهله إلى الله فقالوا: ما نعرف لله علينا من نعمة، فإن كنتم صادقين فادعوا الله علينا وعلى سدنا، فدعوا عليهم، فأرسل الله عليهم مطرا جردا أحمر كأن فيه النار أمامه فارس، فلما خالط الفارس السد انهدم ودفن بيوتهم الرمل وفرقوا ومزقوا حتى صاروا مثلا عند العرب، فقالت: تفرقوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ.
السابغات الدروع أشار به إلى قوله تعالى: * (وأالناله الحديدان اعمل سابغات) * (سبإ: 11) وفسرها (بالدروع)، وكذا فسره أبو عبيدة، وزادوا: واسعة طويلة.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»