عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٢٦
01 ((باب: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * (الأحزاب: 65)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (إن الله) * الآية. وعند أبي ذر إلى قوله: (على النبي) الآية. وغيره ساق إلى آخر الآية وشرف الله بهذه الآية رسوله وذكر منزلته منه يصلون أي: يثنون ويترحمون عليه. والظاهر أنه تعالى يترجم عليه، والملائكة يدعون ويستغفرون له فيكون إطلاقا للفظ المشترك على معنيين مختلفين وهو الصحيح، وعن ابن عباس: يبركون على ما يجيء.
قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء أبو العالية رفيع بن مهران الرباحي البصري أدرك الجاهلية وأسلم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، ودخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وصلى خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وروى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، مات في سنة تسعين، وقال أبو بكر الرازي والطحاوي وغيرهما: عن أبي العالية: صلاة الله عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء، وزاد أخبار الله الملائكة برحمته لنبيه وتمام نعمته عليه.
وقال ابن عباس: يصلون: يبركون يبركون من التبريك وهو الدعاء بالبركة، وهذا التعليق رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي صالح عن معاوية عن علي ابن أبي طلحة رضي الله عنه.
لنغرينك لنسلطنك أشار به إلى قوله تعالى: * (والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم) * (الأحزاب: 06)... الآية. وفسره بقوله: (لنسلطنك) وأول الآية: * (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم) * أي: لئن لم ينته المنافقون عن أذى المسلمين، والمرجفون بالمدينة يعني: بالكذب والباطل، يقولون: أتاكم العدو وقتلت سراياكم لنغرينك، أي: لنسلطنك عليهم بالقتال والإخراج ثم لا يجاورونك بالمدينة إلا قليلا، أي: زمانا قليلا حتى يهلكوا ويرتجلوا، وقال بعضهم، كذا وقع هذا هنا ولا تعلق له بالآية وإن كان من جملة السورة، فلعله من الناسخ. قلت: لم يدع. البخاري أنه من تعلق الآية حتى يقال هكذا، وإنما ذكره على عادته ليفسر معناه، فلو كان من غير هذه السورة لكان لما قاله وجه، والنسبة إلى الناسخ في غاية البعد، على ما لا يخفى.
7974 حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد حدثنا أبي حدثنا مسعر عن الحكم عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. الهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وسعيد هو ابن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص أبو عثمان البغدادي، روى عنه مسلم أيضا، ولهم أيضا: سعيد بن يحيى بن مهدي بن عبد الرحمن أبو سفيان الحميري الواسطي الحذاء، ومسعر. بكسر الميم: ابن كدام والحكم، بفتحتين: ابن عتيبة يروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إلى آخره والحديث مضى في الصلاة.
قوله: (أما السلام عليك فقد عرفناه) أراد به ما علمهم إياهم في التشهد من قولهم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، والسائل عند هو كعب بن عجرة نفسه. قوله: (فكيف الصلاة عليك)؟. وفي حديث أبي سعيد: فكيف نصلي عليك؟ قوله: (كما صليت على إبراهيم) أي: كما تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، فنسأل منك الصلاة على محمد وآل محمد. فإن قيل: شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوى من المشبه وهنا بالعكس لأن الرسول أفضل من إبراهيم. أجيب: بأنه ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم، وقيل التشبيه ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل بل من باب بيان حال ما لا يعرف بما يعرف، وقيل: المجموع مشبه بالمجموع، ولا شك أن آل إبراهيم أفضل من آل محمد إذ فيهم الأنبياء ولا نبي في آل النبي صلى الله عليه وسلم.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»