عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١١٩
فأراد فراقها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي. فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم، اتق الله وأمسك عليك زوجك، وهو معنى قوله تعالى: * (وإذ تقول) * أي: اذكر حين تقول: * (للذي أنعم الله عليه) * يعني: بالإسلام وهو زيد بن حارثة. (وأنعمت) أنت عليه بالعتق (وتخفي في نفسك) أن لو فارقها تزوجتها، وعن ابن عباس: تخفي في نفسك حبها. قوله: (ما الله مبديه)، أي: الذي الله مظهره (وتخشى الناس) أي: تستحيهم، قاله ابن عباس والحسن، وقيل: تخاف لائمة الناس أن يقولوا: أمر رجلا بطلاق امرأته ثم نكحها حين طلقها، وقال ابن عمر وابن مسعود والحسن: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، آية أشد عليه من هذه الآية. قوله: (والله أحق أن تخشاه)، ليس المراد أن النبي صلى الله عليه وسلم، خشي الناس ولم يخش الله بل المعنى أن الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحدا معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضا، فاجعل الخشية لله وحده، ولا يقدح ذلك في حال النبي صلى الله عليه وسلم، لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المأثم.
7874 حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا معلى بن منصور عن حماد بن زيد حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هاذه الآية: * (وتخفى في نفسك ما الله مبديه) * (الأحزاب: 73) نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ومحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى كان يقال له صاعقة. والحديث أخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن عبدة وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سليمان لؤين لقب له.
7 ((باب قوله: * (ترجىء من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) * (الأحزاب: 15)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (ترجىء من تشاء) * إلى آخره، كذا جميع الرواة، لغير أبي ذر لفظ: باب، وحكى الواحدي عن المفسرين: أن هذه الآية نزلت عقيب نزول آية التخيير، وذلك أن التخيير لما وقع أشفق بعض الأزواج أن يطلقهن ففوضن أمر القسم إليه فنزلت * (ترجىء من تشاء) * الآية. قوله: (ترجىء)، أي: تؤخر، قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: تجىء بغير همزة والباقون بالهمزة، وهما لغتان (وتؤوي) من الإيواء أي: تضم قوله: (ومن ابتغيت)، أي: طلبت وأردت إصابتها ممن عزلت فأصبتها وجامعتها بعد العزل فلا جناح عليك، فأباح الله تعالى لك ترك القسم لهن حتى إنه ليؤخر من شاء منهن في وقت نوبتها فلا يطؤها ويطأ من يشاء منهن في غير نوبتها، وله أن يردها إلى فراشه من غير عزلها، فلا جناح عليه فيما فعل تفضيلا له على سائر الرجال وتخفيفا عنه.
قال ابن عباس: ترجىء: تؤخر أرجئه أخره أي: قال ابن عباس: معنى ترجىء، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وهذا خص به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (أرجئه: أخره)، هذا في سورة الأعراف والشعراء، ذكره هنا استطرادا.
8874 حدثني زكرياء بن يحيى حدثنا أبو أسامة قال هشام حدثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول أتهب المرأة نفسها فلما أنزل الله تعالى: * (ترجىء من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) * قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
مطابقته للترجمة ظاهرة. وزكريا بن يحيى أبو السكين الطائي الكوفي، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وهشام بن عروة بن الزبير.
قوله: (قال هشام: حدثنا عن أبيه)، تقديره: قال: حدثنا هشام عن أبيه، وهذا جائز عندهم.
والحديث أخرجه مسلم في النكاح عن أبي كريب. وأخرجه النسائي فيه وفي عشرة النساء وفي التفسير عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخزومي، ثلاثتهم عن أبي أسامة.
قوله: (أغار) بالغين المعجمة معناه هنا أعيب، والدليل عليه ما رواه الإسماعيلي بلفظ كانت تعير اللاتي، بالعين المهملة
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»