عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٠٨
2 ((باب: * (إن الذي فرض عليك القرآن) * (القصص: 58)) أي: هذا باب في قوله تعالى: * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) *... الآية، ولم تثبت هذه الترجمة إلا لأبي ذر. قوله: (فرض عليك)، قال الثعلبي: أي: أنزله، وعن عطاء بن أبي رباح: فرض عليك العمل بالقرآن.
3774 حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا يعلى حدثنا سفيان العصفري عن عكرمة عن ابن عباس: * (لرادك إلى معاد) * قال إلى مكة.
مطابقته للترجمة من حيث إنه تفسير لها. ويعلى، بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وبالقصر: ابن عبيد الطنافسي، وسفيان هو ابن دينار العصفري. بضم العين وسكون الصاد المهملتين وضم الفاء وبالراء: الكوفي التمار، وقد مر في آخر الجنائز. وليس له في البخاري سوى هذين الموضعين. واختلفوا في قوله: (لرادك إلى معاد) فعن مجاهد: مثل قول ابن عباس، وعن القعنبي: معاد الرجل بلده لأنه ينصرف ثم يعود إلى بلده، وعن أبي سعيد الخدري: الموت، وعن الحسن الزهري: إلى يوم القيامة، وعن ابن صالح: إلى الجنة.
92 ((سورة العنكبوت)) أي: هذا في تفسير بعض سورة العنكبوت، وهي مكية. وقال ابن عباس: فيها اختلاف في سبع عشرة آية، فذكرها وقال مقاتل نزلت: * (ألم أحسب الناس) * (العنكبوت: 1 2) في مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أول قتيل من المسلمين يوم بدر. رماه ابن الحضرمي بسهم فقتله، وهو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال السخاوي: نزلت بعد: * (ألم غلبت الروم) * (الروم: 1 2) وقبل سورة المطففين، وهي تسع وستون آية، وألف وتسعمائة وإحدى وثمانون كلمة، وأربعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون حرفا.
لم تثبت البسملة إلا في بعض النسخ، وأما الترجمة فلم تثبت إلا لأبي ذر.
قال مجاهد: وكانوا مستبصرين: ضللة أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين) * (العنكبوت: 83). قوله: (ضللة)، جمع ضال، قاله الكرماني وفيه ما فيه، والصواب: ضلالة. وكذا هو في عامة النسخ، وفي التفسير: مستبصرين يعني في الضلالة، وعن قتادة: مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها، وعن الفراء: عقلاء ذوي بصائر، وعن الضحاك والكلبي ومقاتل: حسبوا أنهم على الحق والهدى وهم على الباطل.
وقال غيره: الحيوان والحي واحد أي: قال غير مجاهد، وقال صاحب (التوضيح): أي: غير ابن عباس، وليس كذلك على ما لا يخفى، ولم يثبت هذا إلا لأبي ذر. وفي رواية النسفي: الحيوان والحياة واحد، وأشار به إلى قوله تعالى: * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * وقال: معنى (الحيوان والحي واحد) يعني: دار الآخرة هي الحياة أو الحي، وفي التفسير: لهي الحيوان، يعني الدار الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها، وقيل: ليس فيها إلا حياة مستمرة دائمة خالدة لا موت فيها، وكأنها في ذاتها نفس الحيوان، والحيوان مصدر حي. وقياسه: حييان، وقلبت الياء الثانية واوا كما قيل: حيوة. وبه سمي ما فيه حيوة حيوانا وإنما اختير لفظ: الحيوان دون الحياة لما فيه زيادة معنى ليس في بناء الحياة، وهو ما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب كالنزوان ونحوه، والحياة حركة كما أن الموت سكون فلذلك اختير لفظ الحيوان المقتضى للمبالغة.
* (وليعلمن الله) * (العنكبوت: 3) علم الله ذالك إنما هي بمنزلة فليميز الله كقوله: * (ليميز الله
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»