عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٠٩
الخبيث من الطيب) * (الأنفال: 73) أشار به إلى قوله تعالى: * (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين) *. وفي التفسير: أي حال الفريقين ظاهرة عند الله الذي يملك الجزاء، وقال الله تعالى أيضا: * (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) *. قوله: (وإنما هي)، أي: إنما لفظة: (ليعلمن الله)، بلام التأكيد ونونه بمنزلة قوله: (فلميز الله) يعني: علم الله ذلك من قبل لأنه فرق بين الطائفتين، كما في قوله تعالى: * (ليميز الله الخبيث من الطيب) * (الأنفال: 73) أي: الكافر من المؤمن.
أثقالا مع أثقالهم أوزارا مع أوزارهم أشار به إلى قوله تعالى: * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * (العنكبوت: 31) وفسره بقوله: أوزارا مع أوزارهم، وكذا فسره أبو عبيدة أي: بسبب من أضلوا وصدوا عن سبيل الله عز وجل فيحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة.
03 ((سورة ألم غلبت الروم)) أي: هذا في تفسير بعض سورة الروم، وهي مكية وفيها اختلاف في آيتين، قوله: * (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) * (لقمان: 72) فذكر السدي أنها نزلت بالمدينة، وقوله: * (وإن الله عنده علم الساعة) * (لقمان: 43) وقال السخاوي: نزلت بعد: * (إذا السماء انشقت) * (الانشقاق: 1) وقبل العنكبوت، وهي ستون آية، وثمانمائة وتسع عشرة كلمة، وثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وثلاثون حرفا، والروم اثنان: الأول: من ولد يافث بن نوح عليه السلام، وهو رومي بن لنطي بن يونان بن يافث، الثاني: الذي رجع إليهم الملك من ولد رومي بن لنطي من ولد عيص بن إسحاق عليه السلام، غلبوا على اليونانيين فبطل ذكر الأولين وغلب هؤلاء على الملك. وروى الواحدي من حديث الأعمش: عن عطية عن أبي سعيد الخدري، قال: لما كان يوم بدر ظهرت الورم على فارس فأعجب بذلك المؤمنون، فنزلت * (ألم غلبت الروم) * (الروم: 1 2) إلى أن قال: يفرح المؤمنون بظهور الروم على أهل فارس.
* (بسم الله الرحمان الرحيم) * لم تثبت البسملة ولفظ سورة إلا لأبي ذر.
قال مجاهد يحبرون: ينعمون أشار به إلى قوله تعالى: * (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون) * (الروم: 51) وفسر: (يحبرون) بقوله: (ينعمون). وهذا التعليق رواه الحنظلي عن حجاج: حدثنا شبابة حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وعن ابن عباس: يكرمون، وقيل: السماع في الجنة.
فلا يربو عند الله من أعطى عطية يبتغي أفضل منه فلا أجر له فيها أشار به إلى قوله تعالى: * (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) * (الروم: 93) وهذا قد اختلف في معناه، فقال سعيد بن جبير ومجاهد وطاووس وقتادة والضحاك: هو الرجل يعطي الرجل العطية ويهدي إليه الهدية ليأخذ أكثر منها، فهذا ربا حلال ليس فيه أجر ولا وزر فهذا للناس عامة، وفي حق النبي صلى الله عليه وسلم، حرام عليه أن يعطي شيئا فيأخذ أكثر منه، لقوله تعالى: * (ولا تمنن تستكثر) * (المدثر: 6). وقال الشعبي: هو الرجل يلتزق بالرجل فيحمله ويخدمه ويسافر معه فيحمل له ربح ماله ليجزيه، وإنما أعطاه التماس عونه ولم يرد وجه الله تعالى، وقال إبراهيم: هذا في الجاهلية، كان يعطي الرجل قرابته المال يكثر به ماله. قوله: (من أعطى عطية)... إلى آخره، تفسير قوله: (فلا يربو). قوله: (يبتغي)، أي: يطلب أفضل منه أي أكثر. قوله: (فلا أجر له فيها)، أي: في هذه العطية، ولا وزر عليه.
يمهدون: يسوون المضاجع أشار به إلى قوله تعالى: * (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) * (الروم: 44) وفسر: (يمهدون)، بقوله: (يسوون المضاجع) وكذا رواه الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، أي: يوطؤون مقار أنفسهم في القبور أو في الجنة.
الودق: المطر أشار به إلى قوله تعالى: * (فترى الودق يخرج من خلاله) * (الروم: 84) وفسر: (الودق) (بالمطر) وكذا فسره مجاهد فيما روى عنه ابن أبي نجيح.
قال ابن عباس: * (هل لكم مما ملكت أيمانكم) * (الروم: 82) في الآلهة وفيه تخاوفونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا أي: قال ابن عباس في قوله تعالى: * (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فبما رزقنا كم فأنتم فيه سواء تخافونهم) *. قوله: (في الآلهة)، أي: نزل هذا في حق الآلهة. قوله: (وفيه)، أي: وفي حق الله، وهذا على سبيل المثل، أي: هل ترضون لأنفسكم أن يشارككم بعض عبيدكم فيما رزقناكم تكونون أنتم وهم فيه سواء من غير تفرقة بينكم وبين عبيدكم
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»