عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ١٠٧
عبيد الله ال ابن عباس لكي يصدقني. وقال غيره سنشد كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا أي: قال ابن عباس في قوله: * (ردأ يصدقني) * (القصص: 43) لكي يصدقني، وفي التفسير: يصدقني أي: مصدقا وليس الغرض بتصديقه أن يقول له: صدقت، أو يقول للناس: صدق موسى، وإنما هو أن يلخس بلسانه الحق أو يبسط القول فيه، ويجادل به الكفار كما يفعل الرجل المنطيق ذو المعارضة. قوله: (قال غيره)، أي: غير ابن عباس في معنى قول الله تعالى: * (سنشد عضدك بأخيك) * (القصص: 53) سنعينك. وقيل: سنقويك به، وشد العضدد كناية عن التقوية. قوله: (كلما عززت)، من: عز فلان أخاه إذا قواه، ومنه قوله تعالى: * (فعززنا بثالث) * (يس: 241) يخفف ويشدد أي: قوينا وشددنا.
مقبوحين: مهلكين أشار به إلى قوله تعالى: * (ويوم القيامة هم من المقبوحين) * (القصص: 24) وفسره بقوله: (مهلكين)، وهكذا فسره أبو عبيدة، وقال غيره: أي من المتعدين الملعونين من القبح وهو الإبعاد. وقال ابن زيد: يقال: قبح الله فلانا قبحا وقبوحا، أي: أبعده من كل خير، وقال الكلبي: يعني سواد الوجه وزرقة العين، وعلى هذا يكون بمعنى المقبحين.
وصلنا: بيناه وأتممناه أشار به إلى قوله تعالى: * (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) * (القصص: 15) وفسر: وصلناه بقوله: (بيناه) وعن السدي كذلك، وعن الفراء: أتبعنا بعضه بعضا فاتصل. قوله: (وأتممناه)، الضمير المنسوب فيه في بيناه يرجع إلى القول، المعنى: بينا لكفار مكة في القرآن من خبر الأمم الماضية كيف عذبوا بتكذيبهم.
يحياى: يجلب أشار به إلى قوله تعالى: * (يجبى إليه ثمرات كل شيء) * (القصص: 75) وفسر: يجبى بقوله: (يجلب) وقرأ نافع: تجبى، بالتاء المثناة من فوق والباقون بالياء. قوله: (إليه) أي: إلى الحرم، والمعنى: يجلب ويحمل من النواحي ثمرات كل شيء رزقا من لدنا أي: من عندنا.
بطرت: أشرت أشار به إلى قوله تعالى: * (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها) * (القصص: 85) وفسر قوله: (بطرت)، بقوله: (أشرت)، أي: طغت وبغت، وقال ابن فارس: البطر تجاوز الحد في المرح، وقيل: هو الطغيان بالنعمة.
في أمها رسولا أم القرى مكة وما حولها أشار به إلى قوله تعالى: * (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا) * (القصص: 95)، الآية. وذكر أن المراد بأم القرى مكة وما حولها، سميت بذلك لأن الأرض دحيت من تحتها.
* (تكن تخفي أكننت الشيء أخفيته وكننته أخفيته وأظهرته) * أشار به إلى قوله تعالى: * (وربك يعلم ما تكن صدورهم ما يعلنون) * (القصص: 96) وفسر: (تكن)، بقوله: (تخفي) وتكن، بضم التاء من أكننت الشيء إذا أخفيته. قوله: (وكننته) من الثلاثي ومعناه: خفيته بدون الهمزة في أوله أي: أظهرته، وهو من الأضداد، ووقع في الأصول: أخفيته في الموضعين بالهمزة في أوله ولأبي ذر بحذف الألف في الثاني وكذا قال ابن فارس أخفيته سترته وخفيته أظهرته.
* (ويكأن الله) * مثل: * (ألم تر أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) * (القصص: 28) يوسع عليه ويضيق عليه أشار به إلى قوله تعالى: * (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون وي كأن الله يبسط الرزق لمن يشار من عباده ويقدر) * وهذا وقع لغير أبي ذر، وفسر قوله: (وي كأن الله) بقوله: مثل: (ألم تر) إلى آخره، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال الزمخشري وي، مفصولة عن: كأن، وهي كلمة تنبيه على الخطأ وهو مذهب الخليل وسيبويه، وعند الكوفيين إن: وبك بمعنى: ويلك، وأن المعنى: ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون، ويجوز أن يكون الكاف كاف الخطاب مضمومة إلى وي، وأنه بمعنى: لأنه، والكلام لبيان المقول لأجله هذا القول أو لأنه لا يفلح الكافرون. قوله: (ويقدر)، أي: ويقتر. قوله: (يوسع عليه)، يرجع إلى قوله: * (يبسط الرزق) * وقوله: (يضيق عليه) يرجع إلى قوله: (ويقدر).
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»