عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٩٢
تحمله ثم تضعه، ويستلزم ذلك سبق النكاح، والناكح يستدعي باعثا له على ذلك، والله سبحانه وتعالى منزع عن جميع ذلك. قوله: (فسبحاني)، لفظ: سبحان، مضاف إلى ياء المتكلم يعني: أنزه نفسي (أن أتخذ) بأن اتخذو: وأن، مصدرية أي: من اتخاذ الصاحبة أي: الزوجة والولد.
9 ((باب قوله: * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * (البقرة: 125)) أي: هذا باب، وليس في كثير من النسخ لفظ: باب، وإنما المذكور قوله تعالى: * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * قوله: (واتخذو)، بكسر الخاء المعجمة، أمر للجماعة على إرادة القول، أي: وقلنا اتخذوا منه موضع صلاة، وهكذا هو عند الجمهور، وقرئ: واتخذوا، بفتح الخاء: جملة فعلية ماضية، وهي قراءة نافع وابن عامر، أي: واتخذ الناس من مكان إبراهيم، عطف على قوله: * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا) * الآية، ومقام إبراهيم هو الحجر الذي عليه أثر قدميه، وعن عطاء، مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار لأنه قام في هذه المواضع ودعا فيها. قوله: (مصلى)، أي: موضع صلاة تصلون فيه، وهو على وجه الاختيار والاستحباب دون الوجوب، وقيل: مصلى، أي: مدعى.
مثابة يثوبون يرجعون هو في قوله: * (وإذا جعلنا البيت مثابة) * يعني: مرجعا للناس من الحجاج والعمار يتفرقون عنه ثم يثوبون إليه، والمثابة: الموضع الذي يرجع إليه مرة بعد أخرى، من ثاب ثوبا وثوبانا رجع بعد ذهابه، وأصله: مثوبة، نقلت حركة الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، ونقل بعضهم عن أبي عبيدة: أن مثوبة، مصدر يثوبون. قلت: ليس بمصدر بل هو اسم للمصدر، ويجوز أن يكون مصدرا ميميا.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»