عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٨٩
بني إسرائيل عليه الصلاة والسلام، فإن المروي أنه شيء كان يسقط عليهم كالترنجبين، وقد ذكرنا هذا في أول الحديث، والجواب عنه أيضا: وقال النووي: قال كثيرون: شبهها بالمن الذي أنزل عليهم حقيقة، عملا بظاهر اللفظ، وقيل: معنى قوله: (الكمأة من المن) يعني: مما من الله على عباده بها بإنعامه ذلك عليهم.
5 ((باب * (وإذ قلنا ادخلوا هاذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة تغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) * (البقرة: 58)) أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: * (وإذا قلنا) * الآية، وفي بعض النسخ: باب قوله تعالى: * (وإذ قلنا) * وفي بعضها ليس فيها لفظ: باب، وفي رواية أبي ذر: باب: * (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم) *، الآية كذا وجد في رواية غيره إلى قوله: (المحسنين). قوله: (وإذ قلنا)، يعني: اذكر، وهو العامل في: إذ، وفي الأعراف: * (وإذ قيل لهم) * (الأعراف: 161)، قوله: (ادخلوا)، قال في الأعراف: اسكنوا وكان هذا الأمر أمر تكليف. قوله: (هذه القرية)، أي: بيت المقدس، وقيل: أريحا من قرى الشام. قوله: (فكلوا)، وفي الأعراف بالواو، قوله: (رغدا) أي: واسعا كثيرا، وقيل: الرغد سعة المعيشة، وقيل: الرغد الهنيء، وعن مجاهد: الرغد الذي لا حساب فيه. قوله: (وادخلوا الباب) أي: باب القرية، وقيل: باب القبة التي كانوا يصلون إليها. قوله: (سجدا). أي: ركعا لتعذر الحمل على حقيقته، فيكون المعنى: خاضعين خاشعين، وكذا روي عن ابن عباس. قوله: (حطة)، أي: أمرك حطة، يعني: شأنك حط الذنوب ومغفرتها، قال الزمخشري: الأصل النصب، يعني: حط عنا ذنوبنا، وقرأ ابن أبني عبلة بالنصب على الأصل. قوله: (وسنزيد المحسنين)، يعني: من كان منكم محسنا أنت تلك الكلمة له سببا في زيادة ثوابه، ومن كان مسيئا كانت له توبة ومغفرة.
4479 ح دثني محمد حدثنا عبد الرحمان بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالؤا حطة حبة في شعرة. (انظر الحديث 3403 وطرفه).
مطابقته للآية ظاهرة. ومحمد الذي ذكره بغير نسبة، قال الغساني: الأشبه أنه ابن بشار، بالباء الموحدة والشين المعجمة، وابن المثنى ضد الفرد وقال ابن السكن: هو ابن سلام، وقيل: يحتمل أن يكون محمد بن يحيى الهذلي لأنه يروي عن عبد الرحمن بن مهدي أيضا، وابن المبارك هو عبد الله. والحديث مضى في كتاب الأنبياء في باب مجرد بعد حديث الخضر مع موسى عليه السلام. وأخرجه النسائي أيضا في التفسير عن محمد بن إسماعيل ببعضه مسندا.
6 ((باب: من كان عدوا لجبريل. وقال عكرمة جبروميك وسراف عبد إيل الله)) وفي رواية أبي ذر: باب من كان. قوله: (جبريل)، بفتح الجيم وسكون الباء الموحدة بعدها راء: وهو من جبرائيل. قوله: (وميك)، بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعدها كاف مفتوحة: وهو من ميكائيل. قوله: (وسراف)، بفتح السين المهملة وتخفيف الراء وبالفاء المكسورة بعد الألف: هو من إسرافيل. قوله: (عبد)، أي: معنى هذه الألفاظ الثلاثة: عبد. قوله: (إيل)، بكسر المهملة وسكون الياء آخر الحروف بعدها لام. قوله: (الله)، أي: معنى لفظ: إيل الله. والحاصل أن معنى جبريل وميكائيل وإسرافيل: عبد الله، قاله عكرمة مولى ابن عباس، ووصله الطبري من طريق عاصم عنه، قال جبريل عبد الله، وميكائيل عبد الله، إيل: الله، وعن عكرمة عن ابن عباس: كل اسم فيه: إيل، فهو الله، ويقال: إيل الله بالعبرانية، وروى الطبري من طريق علي ابن الحسين، قال: اسم جبريل عبد الله، وميكائيل عبيد الله، يعني بالتصغير، وإسرافيل عبد الرحمن، وكل اسم فيه إيل، فهو عبد الله، وذكر عكس هذا وهو: أن إيل معناه: عبد، ومعنى ما قبله اسم لله. وله وجه، وهو أن الاسم المضاف في لغة غير العرب غالبا يتقدم
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»