عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٨٦
حاتم من طريق السدي.
راعنا من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانا قالوا راعنا أشار به إلى قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا قولوا أنظرنا) * الآية نهى الله تعالى المؤمنين أن يشتبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقص، فإذا أرادوا أن يقولوا: إسمع لنا، يقولون: راعنا، ويورون بالرعونة الحماقة، ومنها: الراعن وهو الأحمق، والأرعن عن مبالغة فيه فنهى الله تعالى المؤمنين عن مشابهة الكفارة قولا وفعلا، فقال: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) * الآية، وروى أحمد من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم، وقرأ عبد الله بن مسعود: عونا، وقرأ الحسن: راعنا، بالتنوين من الرعن وهو الحماقة أي: لا تقولوا قولا راعنا منسوبا إلى الرعن. بمعنى: رعينا. وقرأ الجمهور بلا تنوين على أنه فعل أمر من المراعاة، والذي قاله البخاري يمشي على قراءة الحسن.
لا تجزي لا تغني أشار به إلى قوله تعالى: * (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) * (البقرة: 48) وفسره بقوله: * (لا تغني) * (البقرة: 123) وكذلك فسره أبو عبيدة، وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي، قال: لا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة شيئا.
خطوات من الخطو والمعنى آثاره أشار به إلى قوله تعالى: * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * (البقرة: 168 208) وقال: خطوات من الخطو والخطو مصدر خطا يخطو خطوا، والخطوة بالضم بعدما بين القدمين في المشي، وبالفتح المرة، وجمع الخطوة في الكثرة: خطى، وفي القلة: خطوات، بتثليث الطاء، وفسر خطوات الشيطان بقوله: * (آثاره) * (الأنعام: 142).
3 ((باب: قوله تعالى: * (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) * (البقرة: 22)) ذكر هذه الآية توطئة للحديث الذي ذكره بعدها، ولما خاطب الله عز وجل أولا الناس من المؤمنين والكفارة والمنافقين بقوله: * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم) * (البقرة: 21) إلى قوله: * (فلا تجعلوا) * أي: وحدوا ربكم الذي من صفاته ما ذكر، خاطب الكفار والمنافقين بقوله: * (فلا تجعلوا الله أندادا) * وهو جمع: ند بكسر النون وتشديد الدال وهو النظير قوله: * (وأنتم تعلمون) * جملة حالية، أي: والحال أنكم تعلمون أن الله تعالى منزه عن الأنداد والأضداد والأشباه.
ومن أول الباب إلى هنا سقط جميعه من رواية السرخسي ولهذا إلا يوجد في كثير من النسخ، ويوجد بعضه في بعض.
4477 ح دثني عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت إن ذالك لعظيم قلت ثم أي قال وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك قلت ثم أي قال أن تزاني حليلة جارك.
ذكر هذا الحديث مناسبا للآية التي قبله. وعثمان هو أخو أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو بكر اسمه عبد الله، واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، وهو جدهما، وأبوهما محمد بن أبي شيبة وهو شيخ مسلم أيضا، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعبد الله هو ابن مسعود.
والحديث أخرجه البخاري أيضا هنا عن مسدد، وأخرجه في التوحيد أيضا عن قتيبة وفي الأدب عن محمد بن كثير وفي المحاربين عن عمرو بن علي. وأخرجه مسلم في الإيمان عن عثمان بن إسحاق. وأخرجه أبو داود في الطلاق عن محمد بن كثير. وأخرجه الترمذي في التفسير عن بندار. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي وفيه وفي الرجم عن قتيبة وفي المحاربة عن محمد بن بشار.
قوله: (أن تجعل لله ندا) قدمه لأنه أعظم الذنوب، قال الله تعالى: * (إن الشرك لظلم عظيم) * (لقمان: 13) ثم ثناه
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»