عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٤١
ولا حج قبلها إلا أن يريد نفي الحج الأصغر وهو العمرة فلا فإنه اعتمر قبلها قطعا. قوله: (حجة الوداع) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف يعني: هي حجة الوداع، حاصله أنه بعد الهجرة لم يحج إلا حجة الوداع. قوله: (قال أبو إسحاق)، هو الراوي وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (وبمكة أخرى) يعني: حج حجة أخرى بمكة قبل أن يهاجروا، وهذا يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلا حجة واحدة، وليس كذلك، بل حج قبل الهجرة مرارا عديدة، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
4405 ح دثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع لجرير استنصت الناس فقال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض..
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن مدرك، بضم الميم وسكون الدار وكسر الراء: النخعي الكوفي من ثقات التابعين وماله في البخاري إلا هذا الحديث، لكنه أورده في مواضع في الفتن وفي الديات، وأبو زرعة بضم الزاي وسكون الراء وبالعين المهملة: اسمه هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، وأبو زرعة يروي عن جده جرير.
وأخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكرة وآخرين. وأخرجه النسائي في العلم عن محمد بن عثمان وغيره. وأخرجه ابن ماجة في الفتن عن بندار.
قوله: (استنصت الناس)، أي: أسكتهم، وفيه دليل على وهم من زعم أن إسلام جرير كان قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما، لأن حجة الوداع كانت قبل موته صلى الله عليه وسلم بأكثر من ثمانين يوما، لأن جريرا قد ذكر أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع.
4406 ح دثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب عن محمد عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان أي شهر هذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس ذو الحجة قلنا بلى قال فأي بلد هاذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس البلدة قلنا بلى قال فأي يوم هاذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس يوم النحر قلنا بلى قال فإن دماءكم وأموالكم قال محمد وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هاذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فسيسألكم عن أعمالكم ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه فكان محمد إذا ذكره يقول صدق محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال ألا هل بلغت مرتين..
مطابقته للترجمة من حيث إن ما رواه أبو بكرة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو خطبته كان في حجة الوداع. وعبد الهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي، وأيوب هو السختياني، ومحمد هو ابن سيرين، وابن أبي بكرة هو عبد الرحمن، واسم أبيه أبي بكرة: نفيع، بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة: ابن الحارث، وقد تقدم غير مرة.
والحديث تقدم في كتاب العلم في موضعين الأول: في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رب مبلغ أوعى من سامع، أخرجه عن مسدد، الثاني: في: باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، أخرجه عن عبد الله بن عبد الوهاب، وأخرجه أيضا في مواضع أخر ذكرناها في
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»