عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٢٧
قوله ' والآد والأيد قوة ' هكذا فسره أبو عبيدة ويقال رجل أيد أي شديد قوي قال الله تعالى * (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) * أي ذا القوة وقال أبو زيد آد الرجل يئيد أيدا والأيد والآد بالمد القوة وأصل آد يد قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها قوله ' السنة النعاس ' أشار به إلى ما في قوله عز وجل * (لا تأخذه سنة ولا نوم) * وهكذا فسره ابن عباس ويقال له الوسن أيضا والسنة ما يتقدم النور من الفتور الذي يسمى النعاس قوله ' لم يتسنه ' لم يتغير أشار به إلى قوله عز وجل * (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) * وفسره بقوله لم يتغير كذا روي عن ابن عباس والسدي والهاء فيه أصلية أو هاء سكت من السنة مشتق لأن لامها هاء أو واو وقيل أصله يتسنن من الحمأ المسنون فقلبت نونه حرف علة كما في تقضي البازي ويجوز أن يكون المعنى لم يمر عليه السنون التي مرت يعني هو بحاله كما كان كأنه لم يلبث مائة سنة وفي قراءة عبد الله لم يتسن وقرأ أبي لم يسنه بإدغام التاء في السين قوله ' فبهت ذهبت حجته ' أشار به إلى قوله تعالى * (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) * وفسر بهت بقوله ذهبت حجته أي حجة نمرود عليه اللعنة وبهت على صيغة المجهول وقرئ فبهت الذي كفر على صيغة المعلوم أي غلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام الكافر وقرأ أبو حيوة فبهت بفتح الباء وضم الهاء قوله ' خاوية لا أنيس فيها ' أشار به إلى قوله تعالى * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * قيل هذا المار هو عزير عليه السلام رواه ابن أبي حاتم عن علي وقيل هو أرميا بن حليقا وقيل الخضر وقيل حزقيل بن بورا والقرية هي القدس وهو المشهور قوله ' عروشها أبنيتها ' وفي التفسير على عروشها أي ساقطة سقوفها وجدرانها على عرصاتها وذلك حين خربه بخت نصر وهذا والذي قبله ليسا في رواية أبي ذر قوله ' ننشرها نخرجها ' أشار به إلى قوله تعالى * (وانظر إلى العظام كيف ننشرها) * هكذا فسره السدي وننشرها بضم النون الأولى وقرأ الحسن بفتحها من نشر الله الموتى بمعنى أنشرهم وقرئ بالزاي يعني نحركها ونرفع بعضها إلى بعض للتركيب قوله ' إعصار ريح عاصف ' أشار به إلى قوله تعالى * (وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار) * وفسره بقوله ريح عاصف إلى آخره وهي التي يقال لها الزوبعة كما قاله الزجاج ويقال الإعصار الريح التي تستدير في الأرض ثم تسطع نحو السماء كالعمود ويقال الإعصار ريح شديدة فيه نار وهذا ثبت عن أبي ذر عن الحموي وحده قوله ' وقال ابن عباس صلدا ليس عليه شيء ' أشار به إلى قوله تعالى * (كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا) * وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أخبرنا منجاب بن الحارث أنبأنا بشر عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس بلفظ فتركه يابسا جاسيا لا ينبت شيئا وسقط من هنا إلى آخر الباب من رواية أبي ذر وفي التفسير قال الضحاك والذي يتبع صدقته منا أو أذى مثله كمثل صفوان وهو الصخر الأملس عليه التراب فأصابه وابل وهو المطر الشديد * (فتركه صلدا) * أي أملس يابسا لا شيء عليه من ذلك التراب بل قد ذهب كله وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب قوله ' وابل مطر شديد الطل الندى ' أشار به إلى قوله تعالى * (فإن لم يصبها وابل فطل) * وفسر الوابل بالمطر الشديد والطل بالندى ووصله عبد بن حميد عن روح بن عبادة عن عثمان بن غياث سمعت عكرمة بهذا وفي التفسير فإن لم يصبها وابل فمطر ضعيف القطر قوله ' وهذا مثل عمل المؤمن ' أي هذا الذي ذكره عكرمة مثل عمل المؤمن يزداد عند الله إذا كان بالإخلاص ويذهب إذا كان بالرياء وإن ظهر له فيما يرى الناس * - 43 ((باب: * (وقوموا لله قانتين) * أي مطيعين (البقرة: 238)) أي: هذا باب فيه قوله تعالى: * (وقوموا لله قانتين) * (البقرة: 238) فسر قوله: قانتين، بقوله: مطيعين، وبه فسر ابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين، ذكره ابن أبي حاتم. وعن ابن عباس: قانتين، أي: مطيعين، وقيل: عابدين، وقيل: ذاكرين، وقيل: داعين في حال القيام، وقيل: صامتين، وقيل: مقرين بالعبودية، وقيل: طائعين. وعن مجاهد: من القنوت الركوع والخشوع وطول القيام وغض البصر وخفض الجناح والرهبة لله تعالى.
4534 ح دثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته حتى نزلت هاذه الآية حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فامرنا بالسكوت.
مطابقته للترجمة ظاهرة: ويحيى هو القطان، والحارث بن شبيل، بضم الشين المعجمة وفتح الياء الموحدة وسكون الباء آخر الحروف مصغر شبل ولد الأسد. وأبو عمرو وسعد بن إياس: بكسر الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف: الشيباني، بفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة: المخضرمي، عاش مائة وعشرين سنة. والحديث مر في أواخر كتاب الصلاة في: باب ما ينهى عن الكلام في الصلاة، فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن إسماعيل عن الحارث إلى آخره نحوه. قوله: فأمرنا على صيغة المجهول. ومر الكلام فيه هناك.
44 ((باب قوله عز وجل: * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تعلمون) * (البقرة: 239)) أي: هذا باب فيه قوله عز وجل: * (فإن خفتم) * (البقرة: 239) الآية. أي: فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره. قوله: (فرجالا) أي: فصلوا راجلين وهو جمع راجل كقائم وقيام. وقرئ: فرجالا بضم الراء، ورجالا بالتشديد، ورجلا. قوله: (أو ركبانا). أي: أو فصلوا ركبانا جمع راكب. قوله: (فإذا أمنتم) يعني: فإذا زال خوفكم (فاذكروا الله كما علمكم) من صلاة الأمن. قوله: (ما لم تكونوا تعلمون) أي: الذي لستم به عالمين فعلمكم وهداكم للإيمان فقاتلوا بذكر الله وشكره.
رجالا: قياما. راجل قائم فسر قوله: (فرجالا)، بقوله قياما: ولم يتعرض لمفرده، وقد ذكرنا أن الرجال جمع راجل. كالقيام جمع قائم.
45 ((باب: * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) * (البقرة: 240)) أي: هذا باب فيه قوله تعالى: * (والذين يتوفون منكم ويذرون) * أي: يتركون (أزواجا)، وليس في رواية غير أبي ذر الترجمة، وحديث هذا الباب قد مر قبل ثلاثة أبواب، وكان المناسب أن يذكر بلا ترجمة عند الباب المترجم بهذه الآية.
4536 ح دثني عبد الله بن الأسود حدثنا حميد بن الأسود ويزيد بن زريع قالا حدثنا حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال قال ابن الزبير قلت لعثمان هذه الآية التي في البقرة
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»