عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٨
* تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها مثل أرجاسها * * فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى رأسها * قال: ثم نبهني، وقال: يا سواد! إن الله قد بعث نبيا فانهض إليه تسعد وترشد، فلما كان في الليلة الثانية أتاني فنبهني ثم قال:
* عجبت للجن وتطلابهاوشدها العيس بأقتابها * * تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس قدامها كأذنابها * * فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى نابها * فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فنبهني، فقال:
* عجبت للجن وتجارهاوشدها العيس بأكوارها * * تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشر كأخيارها * * فانهض إلى الصفوة من هاشمما مؤمنو الجن ككفارها * قال: فوقع في قلبي الإسلام وأتيت المدينة، فلما رآني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: مرحبا بك يا سواد بن قارب، قد علمنا ما جاء بك. قال: قلت شعرا فاسمعه مني، فقلت:
* أتاني رئبي بعد ليل وهجعة فلم أك فيما قد بليت بكاذب * * ثلاث ليال قوله كل ليلة: أتاك نبي من لؤي بن غالب * * فشمرت عن ساقي الإزار ووسطتبي الذعلب الوجناء عند السباسب * * فأشهد أن الله لا رب غيرهوأنك مأمون على كل غائب * * وأنك أدنى المرسلين شفاعة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب * * فمرنا بما يأتيك يا خير مرسلوإن كان فيما جاء شيب الذوائب * * فكن لي شفيعا لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب * قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. قوله: إلى أرجاسها، جمع رجس وهو النجس، وأراد بهم المشركين. قوله: (واسم) من سما يسمو. أي أعل وانظر بعينيك. قوله: (تطلبانها) التاء فيه زائدة وهو من المصادر الشاذة و (العيس) بكسر العين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة: جمع عيساء، قال ابن الأثير: العيس الإبل البيض مع شقرة يسيرة واحدها أعيس وعيسا، والأقتاب جمع قتب بفتحتين، وهو للجمل كالإكاف لغيره. قوله: (ليس قداماها) من: قوادم الطير، وهي: مقاديم ريشه وهي عشرة في كل جناح، الواحدة قادمة وهي القدامى أيضا، ويقال: القدامى تكون واحدة وتكون جمعا والأذناب جمع ذنب. قوله: (إلى نابها) الناب بالنون وبالباء الموحدة ومعناه: سيد القوم، وقال الجوهري: ناب القوم سيدهم والناب المسنة من الإبل النوق. قوله: (وتجآرها) التاء فيه زائدة، وأصله من جأر إذا تضرع وهو من المصادر الشاذة والأكوار جمع كور بالضم، وهو رحل الناقة بأداته وهو كالسرج وآلته للفرس، وقال ابن الأثير: وكثير من الناس يفتح الكاف وهو خطأ. قوله: (رئي)، بفتح الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء وهو التابع من الجن، وقال ابن الأثير: رئي بوزن كمي وهو فعيل أو فعول، سمي به لأنه يتراءى لمتبوعه أو هو: من الرأي من قولهم فلان رأى قومه إذا كان صاحب رأيهم، وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها. قوله: (فيما قد بليت) بالباء الموحدة أي: فيما قد جربت. قوله: (الذعلب) بكسر الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر اللام وفي آخره باء موحدة، وهي الناقة السريعة (والوجناء) بفتح الواو وسكون الجيم بالنون الممدودة والهمزة في آخره: وهي الغليظة الصلبة، وقيل: العظيمة الوجنتين (والسباسب) بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة وكسر السين الثانية وفي آخره باء أخرى، وهو جمع سبسب وهي القفر والمفازة. قوله: (أدنى المرسلين) أي: أقربهم وأولاهم. قوله: (بينما أنا عند
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»