عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٣
شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري قال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه قال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشأم فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه. (انظر الحديث 3522).
مطابقته للترجمة في قوله: (وأسلم مكانه). وعمرو بن عباس أبو عثمان البصري، قال أبو داود: مات سنة خمس وثلاثين ومائتين وهو من أفراده، و عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري، مات سنة ثمان وتسعين ومائة، و المثنى ضد المفرد هو ابن سعيد الضبعي، له في البخاري حديثان: هذا وآخر تقدم في ذكر بني إسرائيل، وأبو جمرة، بالجيم والراء: هو نصر بن عمران.
والحديث قد مضى في مناقب قريش في: باب قصة زمزم، فإنه أخرجه هناك عن زيد بن حزم وعن أبي قتيبة عن مثنى ابن سعيد عن أبي جمرة عن ابن عباس مطولا، وبين ألفاظهما بعض زيادة ونقصان، ومضى الكلام فيه هناك، ولنتكلم فيه هنا أيضا زيادة للبيان.
قوله: (لأخيه) هو أنيس. قوله: (إلى هذا الوادي) أي: وادي مكة الذي به المسجد. قوله: (فاعلم) من الإعلام. (لي) أي: لأجلي. قوله: (علم هذا) منصوب بقوله: إعلم. قوله: (فانطلق الأخ) وفي رواية الكشميهني: فانطلق الآخر، يعني: أنيس. قوله: (حتى قدمه) أي: حتى قدم الوادي أي: وادي مكة، وفي رواية ابن مهدي: فانطلق الآخر حتى قدم مكة. قوله: (وكلاما) بالنصب عطف على الضمير المنصوب في روايته. فإن قلت: الكلام لا يرى. قلت: فيه وجهان: الإضمار والمجاز من قبيل قوله:
* علفتها تبنا وماء باردا * أما الإضمار فهو: سقيته ماء، وأما المجاز فهو أن علفته بمعنى أعطيته، وأما ههنا فالإضمار هو أن يقدر، وسمعته يقول كلاما، وأما المجاز فهو أن يضمن الرؤية معنى الأخذ عنه، فالتقدير: وأخذت عنه كلاما ما هو بالشعر. قوله: (وكره أن يسأل عنه) لأنه عرف أن قومه يؤذون من يقصده أو يؤذونه بسبب قصد من يقصده أو لكراهتهم في ظهور أمره لا يدلون من يسأل عنه عليه أو يمنعونه من الاجتماع به أو يخدعونه حتى يرجع عنه. (فرآه علي) هو ابن أبي طالب، كرم الله وجهه، وهذا يدل على أن قصة أبي ذر وقعت بعد المبعث بأكثر من سنتين بحيث يتهيأ لعلي أن يستقل بمخاطبة الغريب ويضيفه، فإن الأصح في سن علي حين البعث كان عشر سنين، وقيل: أقل من ذلك. قوله: (فعرف أنه غريب)، وفي رواية أبي قتيبة: فقال: كان الرجل غريب. قلت: نعم. قوله: (أما نال للرجل)، أي: أما حان، يقال: نال له، بمعنى: آن له، ويروى: أما آن، بمد الهمزة، وأنى بفتح الهمزة والقصر وفتح النون وكلها بمعنى. قوله: (أن يعلم منزله) أي: مقصده. قوله: (يوم الثالث)، بالإضافة كما في: مسجد الجامع، فإن التقدير فيه: مسجد الوقت الجامع فالجامع صفة للوقت لا للمسجد، وكذلك التقدير في: يوم الثالث. قوله: (فعاد علي على مثل ذلك)، وفي رواية: فعل علي مثل ذلك، وفي رواية الكشميهني: فغدا على ذلك. قوله: (لترشدنني) كذا في رواية الأكثرين بنونين وفي رواية الكشميهني: لترشدني، بنون واحدة واللام فيه للتأكيد. قوله: (فأخبره)، كذا هو في رواية الكشميهني، وفي رواية: فأخبرته، بتاء المتكلم قبل الضمير وفيه التفات. قوله: (كأني أريق الماء)، وفي رواية أبي قتيبة: كأني أصلح نعلي، ويحمل على أنه قالهما جميعا. قوله: (يقفوه)، أي: يتبعه. قوله: (ودخل معه) أي: دخل أبو ذر مع علي، رضي الله تعالى عنه، فسمع من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث عبد الله بن الصامت: أن أبا ذر لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر في الطواف بالليل، والجمع بين الروايتين، بأنه لقيه أولا مع علي ثم لقيه في الطواف مع أبي بكر
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»