عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٠
ينقض فأقامه) * أي ينكسر وينهدم قوله ' لكان محقوقا ' أي واجبا حقا يقال حق عليك أن تفعل كذا ومحقوق أن تفعل ذلك قوله ' أن ينقض ' كلمة أن مصدرية أي الانقضاض. - 36 ((باب انشقاق القمر)) أي: هذا باب في بيان انشقاق القمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، معجزة له وهي من أمهات معجزات رسول الله، صلى الله عليه وسلم وآياته النيرة التي اختصت به، إذ كانت معجزات سائر الأنبياء لم تتجاوز عن الأرضيات إلى السماويات وقد نطق القرآن به قال تعالى: * (اقتربت الساعة وانشق القمر) * (القمر: 1). ولقد زعم بعض الفلاسفة بزعمهم الفاسد أن الفلكيات لا تقبل الخرق والالتئام، ونحن نقول: القمر مخلوق من مخلوقات الله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره.
3868 حدثني عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا بشر بن المفضل حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما..
مطابقته للترجمة ظاهرة. وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن أنسا لم يدرك هذا، وقد مضى هذا في: باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم، آية، فأراهم انشقاق القمر، وأخرجه هناك من حديث شيبان عن قتادة عن أنس ومن حديث سعيد عن قتادة عن أنس وفيه: فأراهم انشقاق القمر، وههنا: فأراهم القمر شقتين... إلى آخرهم، (وشقتين) بكسر الشين المعجمة، أي: نصفين. وهكذا وقع في رواية مسلم، وفي (مصنف عبد الرزاق): عن معمر بلفظ: مرتين، وكذلك أخرجه الإمام أحمد وإسحاق في (مسنديهما) عن عبد الرزاق، وقد اتفق البخاري ومسلم عليه من رواية شعبة عن قتادة بلفظ: (فرقتين). قوله: (حتى رأوا حراء) أي: جبل حراء (بينهما) أي: بين الشقتين، و: حراء، بكسر الحاء المهملة وبالمد: جبل على يسار السائر من مكة إلى منى، وقد مر بيانه مستقصى في بدء الوحي.
3869 حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال انشق القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى فقال اشهدوا وذهبت فرقة نحو الجبل..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وعبدان اسمه عبد الله وقد تكرر ذكره، وأبو حمزة بالحاء المهملة وبالزاي اسمه محمد بن ميمون اليشكري، والأعمش سليمان، وإبراهيم هو النخعي، وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة، بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة، وعبد الله هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه، وقد مضى هذا الحديث في: باب سؤال المشركين إن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، فإنه أخرجه هناك: عن صدقة بن الفضل عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود، وانشق القمر على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شقتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا). قوله: عن الأعمش عن إبراهيم، وفي رواية السرخسي والكشميهني في آخر الباب من وجه آخر عن الأعمش حدثنا إبراهيم قوله: عن أبي معمر هذا هو المحفوظ ووقع في رواية ابن مردويه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، ووقع في رواية أبي نعيم عن شعبة عن الأعمش ووقع في التفسير عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر وهو المشهور.
قوله: (ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم) الواو فيه للحال، وفي رواية مسلم من طريق علي بن سهل عن الأعمش: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، بمنى إذ انفلق القمر. فإن قلت: يعارضه قول أنس: أن ذلك كان بمكة. قلت: لا معارضة، لأنه لم يصرح أنه، صلى الله عليه وسلم، كان ليلة إذ بمكة، ولئن سلمنا التصريح بذلك فمنى من جملة مكة والذي وقع في رواية الطبراني من
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»