عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٨٣
4287 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد..
مطابقته للترجمة ظاهرة وصدقة بن الفضل المروزي وابن عيينة سفيان بن عيينة وابن أبي نجيح، بفتح النون: عبد الله واسم أبي نجيح يسار، وأبو معمر، بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة، وعبد الله هو ابن مسعود.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المظالم في: باب هل يكسر الدنان؟ فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن سفيان عن ابن أبي نجيح إلى آخره.
قوله: (نصب)، بضم النون والصاد المهملة: وهو ما ينصب للعبادة من دون الله تعالى، ووقع في رواية ابن أبي شيبة عن ابن عيينة (صنما)، بدل نصب، ويطلق النصب ويراد به الحجارة التي كانوا يذبحون عليها للأصنام، والأنصاب الأعلام التي تجعل في الطريق. قوله: (يطعنها) بضم العين وفتحها، والأول أشهر، وفي حديث ابن عباس رواه الطبراني: (فلم يبق وثم استقبله إلا سقط على قفاه)، مع أنها كانت ثابتة بالأرض قد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص. قوله: (وزهق الباطل) أي: اضمحل وتلاشى، يقال: زهقت نفسه زهوقا، أي: خرجت روحه، والزهوق بالضم مصدر، وبالفتح الاسم.
4288 حدثني إسحاق حدثنا عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت وخرج ولم يصل فيه..
مطابقته للترجمة من حيث إن قدومه هذا مكة كان في سنة الفتح. وإسحاق هو ابن منصور، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث ابن سعيد، وفي رواية الأصيلي: ليس فيه: حدثني أبي، بعد قوله عبد الصمد، قيل: لا بد منه.
والحديث مضى في كتاب الأنبياء، عليهم السلام، في: باب قول الله تعالى: * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * (النساء: 125) فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر عن أيوب عن عكرمة إلى آخره.
قوله: (أبى) أي: امتنع. قوله: (الآلهة) أي: الأصنام التي سماها المشركون بالآلهة. قوله: (فأمر بها فأخرجت). فإن قلت: من كان الذي أخرجها؟ قلت: روى أبو داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها حتى نحيت الصور، وكان عمر هو الذي أخرجها. قيل: إنه محا ما كان من الصور مدهونا، وأخرج ما كان مخروطا. فإن قلت: قد تقدم في الحج من حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى صورة فدعا بماء فجعل يمحوها قلت: هو محمول على محو بقية بقيت منها. قوله: الأزلام جمع: زلم، وهي السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر، وتسمى: القداح المكتوب عليها الأمر والنهي: إفعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، وإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله. قوله: (ولم يستقسما بها) أي: ما استقسم إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، بالأزلام قط، وهو من الاستسقام، وهو طلب القسم الذي قسم له وقدر، وهو استفعال منه كانوا يفعلون بالأزلام مثل ما ذكرنا وقال ابن الأثير: كان على بعضها مكتوب: أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى الآخر: غفل، فإن خرج: أمرني ربي، مضى لشأنه، وإن خرج: نهاني أمسك، وإن خرج الغفل أعاد حالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر أو النهي
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»