فذكر الحديث وقال في آخره: قلت للزهري: كم عاشت فاطمة بعده؟ قال: ستة أشهر. قوله: (ليلا) أي: في الليل، وذلك بوصية منها لإرادة الزيادة في التستر. فإن قلت: روى مسلم وأبو داود والنسائي من حديث جابر في النهي عن الدفن ليلا. قلت: هذا محمول على حال الاختيار لأن في بعضه: إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك. قوله: (ولم يؤذن بها أبا بكر) أي: ولم يعلم بوفاتها أبا بكر. قوله: (وصلى عليها) أي: صلى علي، رضي الله تعالى عنه، على فاطمة، وروى ابن سعد من طريق عمرة بنت عبد الرحمن: أن العباس صلى عليها. قوله: (حياة فاطمة)، لأنهم كانوا يعذرونه عن ترك المبايعة لاشتغاله بها وتسلية خاطرها من قرب عهد مفارقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (تلك الأشهر)، وهي الأشهر الستة، وقال المارزي: العذر لعلي، رضي الله تعالى عنه، في تخلفه مع ما اعتذر هو به أنه يكفي في بيعة الإمام أن يقع من آحاد أهل الحل والعقد، ولا يجب الاستيعاب، ولا يلزم كل أحد أن يحضر عندده ويضع يده في يده، بل يكفي التزام طاعته والانقياد له بأن لا يخالفه ولا يشق العصا عليه، وهذا كان حال علي، رضي الله تعالى عنه، ولم يقع منه إلا التأخر عن الحضور عند أبي بكر، رضي الله تعالى عنه. قوله: (كراهية لمحضر عمر) أي: لأجل الكراهة لحضور عمر، رضي الله تعالى عنه، و: المحضر، مصدر ميمي بمعنى الحضور، ويروى: كراهية ليحضر عمر، أي: لأن يحضر، وذلك لأن حضوره كان يوجب كثرة المعاتبة والمعادلة، فقصدوا التخفيف لئلا يفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة. قوله: (فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك) لأنه توهم أنهم لا يعظمونه حق التعظيم، وأما توهمه ما لا يليق بهم فحاشاه وحاشاهم من ذلك. قوله: (وما عسيتهم أن يفعلوا؟) بكسر السين وفتحها أي: ما رجوتهم أن يفعلوا، وكلمة: ما، استفهامية، وعسى استعمل استعمال الرجاء، فلهذا اتصل به ضمير المفعول، والغرض أنهم لا يفعلون شيئا لا يليق بهم. وقال ابن مالك: استعمل عسى استعمال حسب وكان حقه أن يكون عاريا من أن ولكن جيء به لئلا تخرج عسى بالكلية عن مقتضاها، ولأن: أن، قد تسد بصلتها مسد مفعوليه فلا يستبعد مجيئها بعد المفعول الأول سادة مسد ثاني المفعولين. وقال الكرماني: وفي بعض الروايات: وما عساهم أن يفعلوا بي؟ قوله: (ولم ننفس) بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح الفاء، أي: لم نحسدك على الخلافة، يقال: نفست، بكسر الفاء أنفس بفتحها نفاسة. قوله: (استبددت) من الاستبداد وهو الاستقلال بالشيء، ويروى: استبدت، بدال واحدة وهو بمعناه وهذا مثل قوله: فظلتم تفكهون، أي: فظللتم. قوله: (بالأمر) أي: بأمر الخلافة (وكنا نرى) بضم النون وفتحها. قوله: (لقرابتنا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم)، أي: لأجل قرابتنا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (شجر) أي: وقع من الاختلاف والتنازع. قوله: (فلم آل) بمد الهمزة وضم اللام، أي: فلم أقصر. قوله: (العشية) يجوز فيه النصب على الظرفية، والرفع على أنه خبر المبتدأ، وهو قوله: (موعدك). والعشية: بعد الزوال. قوله: (رقي) بكسر القاف أي: علا. قوله: (وعذره) أي: قبل عذره، وهو فعل ماض، هذا رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: وعذره، بضم العين وسكون الذال وبالنصب عطفا على قوله: (وتخلفه) أي: وذكر عذره أيضا. قوله: (في هذا الأمر) أي: الخلافة. قوله: (الأمر بالمعروف) أي: موافقة سائر الصحابة بالمبايعة للخلافة.
4242 حدثني محمد بن بشار حدثنا حرمي حدثنا شعبة قال أخبرني عمارة عن عكرمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وحرمي، بفتح الحاء المهملة والراء وكسر الميم وتشديد الياء آخر الحروف، وهو اسم بلفظ النسب: ابن عمارة، بضم العين المهملة وتخفيف الميم وبالراء: ابن أبي حفص العتكي، بفتح العين المهملة والتاء المثناة من فوق، وشعبة واسطة في الإسناد بين الولد وهو: حرمي، والوالد: عمارة، وعكرمة مولى ابن عباس، وليس له عن عائشة في البخاري إلا ثلاثة أحاديث: هذا والثاني: سبق في الطهارة والثالث: سيأتي في اللباس. والحديث من أفراده.
قوله: (قلنا: الآن نشبع من التمر...) فيه شيئان الأول: فيه دلالة على كثرة التمر والنخيل في خيبر، والثاني: فيه دلالة على أنهم كانوا في قلة عيش قبل فتح خيبر.
4243 حدثنا الحسن حدثنا قرة بن حبيب حدثنا عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار