مطابقته للترجمة في قوله: (حيث تقاسموا على الكفر) وتقاسمهم على الكفر هو تقاسمهم على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أعظم الكفر وأشده. والحديث مضى في: باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فإنه أخرجه هناك: عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري... إلخ. فإن قلت: لفظه هناك: حين أراد قدوم مكة، وهنا: حين أراد حنينا، أي: حين قصد غزوة حنين، والخيف ما انحدر من غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، وفيه مسجد الخيف. قلت: لا معارضة بينهما لأنه يحمل على أنه قال: حين أراد دخول مكة في غزوة الفتح، وفي ذلك القدوم غزا حنينا. فإن قلت: قد تقدم أيضا من طريق الأوزاعي عن الزهري بلفظ: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر وهو بمنى: نحن نازلون غدا... الحديث، وهذا يدل على أنه قاله في حجة الوداع. قلت: يحمل على التعدد، والله أعلم.
40 ((باب قصة أبي طالب)) أي: هذا باب في بيان قصة أبي طالب واسمه عبد مناف واشتهر بكنيته، وهو شقيق والد النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك أوصى به عبد المطلب عند موته إليه فكفله إلى أن كبر واستمر على نصره بعد أن بعث إلى أن مات قبل الهجرة، وله صلى الله عليه وسلم، خمسون سنة إلا ثلاثة أشهر وأياما، ويقال: مات بعد خروجهم من الشعب وذلك في آخر السنة العاشرة.
3883 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا عبد الملك حدثنا عبد الله بن الحارث حدثنا العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه بعض قصة أبي طالب، ويحيى هو ابن سعيد القطان، وسفيان هو الثوري، وعبد الملك هو ابن عمير، وعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعباس عم جده.
والحديث أخرجه أيضا في الأدب عن موسى بن إسماعيل. وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن أبي بكر وعبيد الله بن عمرو محمد بن عبد الملك وعن محمد بن حاتم وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن يحيى.
قوله: (ما أغنيت عن عمك)، أي: أي شيء دفعته عنه وماذا نفعته؟ قوله: (يحوطك)، من حاطه إذا صانه وحفظه وذب عنه وتوفر على مصالحه. قوله: (في ضحضاح)، بفتح الضادين المعجمتين وسكون الحاء المهملة الأولى، وهو قريب القعر، وضحضح الشراب إذا دق، ويقال: هو استعارة، فإن الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب، ويقال أيضا لما قرب من الماء، والمعنى أنه خفف عنه العذاب. وروى البزار من حديث جابر، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل نفعت أبا طالب؟ قال: أخرجته من النار إلى ضحضاح منها. قوله: (في الدرك)، بفتح الراء وسكونها وفيه التصريح بتفاوت عذاب أهل النار، فإن قلت: أعمال الكفرة هباء منثورا لا فائدة فيها. قلت: هذا النفع من بركة رسول الله، صلى الله عليه وسلم وخصائصه. فإن قلت: روى ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقول: لا إلاه إلا الله، فأبى، فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه، فقال: يا ابن أخي! والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها. قلت: في سنده من لم يسم، ولو كان صحيحا لعارضه حديث الباب لأنه أصح منه، فضلا عن أنه لم يصح.
3884 حدثنا محمود حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل فقال أي عم قل لا إلاه إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب