فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله..
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبيد الله بن سعيد بن يحيى أبو قدامة اليشكري السرخسي، وهو شيخ مسلم أيضا، وأبو أسامة حماد بن أسامة.
والحديث مر في: باب صفة إبليس وجنوده، فإنه أخرجه هناك عن زكريا بن يحيى عن أبي أسامة... الخ نحوه، ومر الكلام فيه هناك، ولكن نتكلم هنا أيضا بما فيه لبعد العهد منه.
قوله: (أخراكم) أي: احترزوا من جهة أخراكم، وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه، وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين. قوله: (فاجتلدت هي) أي: أولاهم نفرت مع أخراهم. قوله: (فبصر حذيفة) أي: نظر إلى أبيه ورآه. وقال: يا عباد الله أبي أبي أي: هذا أبي فلا تتعرضوا له واحفظوه، وإنما قال: أبي أبي، بالتكرار حتى لا يظن أنه: أبي، بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء. قوله: (قال: قالت) أي: قال عروة، قالت عائشة: فوالله ما احتجزوا أي: ما امتنعوا من قتله حتى قتلوه أي: اليمان والد حذيفة، وذكر ابن إسحاق، قال: حدثني عاصم ابن عمر عن محمود بن لبيد، قال: كان اليمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين فتركهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم مع النساء والصبيان فرغبا في الشهادة فأخذا سيفيهما ولحقا بالمسلمين بعد الهزيمة، فلم يعرفوا بهما، فأما ثابت فقتله المشركون، وأما اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه، وقال ابن سعد: إن الذي قتل اليمان خطأ عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود، وفي رواية ابن إسحاق، قال حذيفة: قتلتم أبي قالوا: والله ما عرفناه وصدقوا، فقال حذيفة: يغفر الله لكم فأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم خيرا، والعجب من ابن التين حيث يقول: ولم يذكر في الحديث الدية في قتل اليمان والكفارة، فأما لم تفرض حينئذ أو اكتفى بعلم السامع، ولو اطلع على ما ذكرنا لما أغرب في كلامه.
بصرت علمت من البصيرة في الأمر وأبصرت من بصر العين ويقال بصرت وأبصرت واحد لما كان في الحديث المذكور لفظ: بصر، بفتح الباء وضم الصاد، أشار إلى معناه وإلى الفرق بين بصر وأبصر، فقال: معنى بصر علم مأخوذ من البصيرة في الأمر، فيكون من المعاني القلبية، وقال: أبصر بزيادة الهمزة في أوله يعني: نظر لأنه من بصر العين، وبصر العين حاستها وقال الجوهري: البصر العلم وبصرت بالشيء علمته، وقال تعالى: * (بصرت لما لم يبصروا به) * (طه: 96). قوله: ويقال: بصرت وأبصرت واحد، يعني: كلاهما سواء، كسرعت وأسرعت.
19 ((باب قول الله تعالى * (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم) * (آل عمران: 155).)) أي: هذا باب في ذكر قول الله تعالى: * (إن الذين تولوا منكم) * (آل عمران: 155). الآية. واتفق أهل العلم بالنقل على أن المراد بهذه الآية ما وقع في أحد، وقول من قال: إنها في يوم بدر، غير صحيح، لأنه لم يول أحد من المسلمين يوم بدر. قوله: * (إن الذين تولوا منكم) * (آل عمران: 155). أي: إن الذين فروا منكم يا معشر المسلمين. قوله: (يوم التقى الجمعان)، أي: جمع المسلمين وجمع الكفار. قوله: (إنما استزلهم الشيطان) أي: حملهم على الزلل. قوله: (ببعض ما كسبوا)، أي: ببعض ذنوبهم السالفة، وهو تركهم المشركين. قوله: (ولقد عفا الله عنهم)، أي: حلم عليهم إذ لم يعاجلهم بالعقوبة، وقيل: غفر لهم الخطيئة، وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى المدينة قال لأصحابه: هذه وقعة تشاع في العرب فأطلبوهم حتى يسمعوا أنا قد طلبناهم، فخرجوا فلم يدركوا القوم. قوله: (إن الله غفور حليم)، أي: يغفر الذنوب ويحلم على خلقه ويتجاوز عنهم.
106 - (حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قالوا هؤلاء قريش قال من الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء أتحدثني قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن