التي كان عليها لما اجتمع به وهو أبرص، قوله: (رجل مسكين) زاد شيبان: وابن سبيل، قال ابن التين: قوله: الملك له رجل مسكين... إلى آخره، أراد: أنك كنت هكذا، وهو من المعاريض، والمراد به ضرب المثل ليتيقظ المخاطب. قوله: (الحبال) بكسر الحاء المهملة وبعدها باء موحدة مخففة: جمع حبل، أراد به الأسباب التي يقطعها في طلب الرزق وقيل: العقبات، قال الكرماني: ويروى بالجيم، وقيل: هو تصحيف وفي (التوضيح): ويروى الحيل جمع حيلة، يعني: لم يبق لي حيلة. قوله: (أتبلغ عليه) وفي رواية الكشميهني: أتبلغ به، وهو بالغين المعجمة من: البلغة، وهي الكفاية، والمعنى: أتوصل به إلى مرادي، يقال: تبلغ بكذا، أي: اكتفى به. قوله: (يقذرك الناس) بفتح الذال المعجمة لأنه من باب علم يعلم. قوله: (فقيرا)، نصب على الحال. قوله: (كابرا عن كابر)، هكذا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: لكابر عن كابر، وفي رواية شيبان: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، قال بعضهم: أي: كبيرا عن كبير في العز والشرف. قلت: أخذه من كلام الكرماني، وليس كذلك، وإنما المعنى: ورثت هذا المال عن آبائي وأجدادي حال كون كل واحد منهم كابرا عن كابر، أي: كبيرا ورث عن كبير. قوله: (فصيرك الله)، وإنما أورده بلفظ الفعل الماضي لإرادة المبالغة في الدعاء عليه، وإنما أدخلت الفاء فيه لأنه دعاء. قوله: (فوالله لا أجهدك اليوم) بالجيم والهاء، كذا في رواية كريمة، وأكثر روايات مسلم أي: لا أشق عليك في رد شيء تطلبه مني أو تأخذه. وقال عياض: رواية البخاري لم تختلف، أنه: لا أحمدك، بالحاء المهملة والميم، يعني: لا أحمدك على ترك شيء تحتاج إليه من مالي. وقوله: رواية البخاري لم تختلف، ليس كذلك، فإن رواية كريمة بالجيم والحاء، كما ذكرناه، وقال عياض: لم يتضح هذا المعنى لبعض الناس، فقال: لعله: لا أحدك، بالحاء المهملة وتشديد الدال بغير ميم، أي: لا أمنعك. قال: وهذا تكلف، وقال الكرماني ما حاصله: إنه يحتمل أن يكون قوله: لا أحمدك، بتشديد الميم أي: لا أطلب منك الحمد، فيكون من قولهم: فلان يتحمد علي، أي: يمتن، ويكون المعنى هنا: لا أمتن عليك، يقال: من أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به على الناس. قوله: (إنما ابتليتم) أي: إنما امتحنتم. قوله: (فقد رضى الله عنك...) إلى آخره، ويروى: ورضي عنك، على بناء المجهول، وكذلك سخط مثله وكان الأعمى خير الثلاثة. قال الكرماني، رحمه الله: ولا شك أن مزاجه كان أقرب إلى السلامة من مزاجهما، لأن البرص لا يحصل إلا من فساد المزاج وخلل في الطبيعة، وكذلك ذهاب الشعر أيضا، بخلاف العمى فإنه لا يستلزم فساده فقد يكون من أمر خارجي.
25 ((باب * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم) * (الكهف: 9).)) أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: * (أم حسبت...) * إلى آخره، ولم يذكر في الباب إلا تفسير بعض ما وقع في قصة أصحاب الكهف، وليس في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني لفظ: باب، وليس في رواية النسفي لا باب ولا غيره من الترجمة، وهذا هو الصواب، لأن الكتاب في الحديث لا في التفسير.
الكهف الفتح في الجبل هو قول الضحاك أخرجه عنه ابن أبي حاتم، واختلف في مكان الكهف، فقيل: بين أيلة وفلسطين، وقيل: بالقرب من أيلة، وقيل: بأرض نينوى، وقيل: بالبلقاء، والأخبار التي تكاثرت أنه ببلاد الروم، وهو الصحيح، فقيل: بالقرب من طرسوس، وقيل: بالقرب من إيلستين، وكان اسم مدينتهم إفسوس، واسم ملكهم: دقيانوس، وقال السهيلي: مدينتهم يقال إنها على ستة فراسخ من القسطنطينية، وكانت قصتهم قبل غلبة الروم على يونان، وأنهم سيحجون البيت إذا نزل عيسى ابن مريم، عليهما الصلاة والسلام. وذكر ابن مردويه في (تفسيره): من حديث حجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، مرفوعا: أصحاب الكهف أعوان المهدي، وذكر مقاتل في (تفسيره) اسم الكهف: مانجلوس.
والرقيم الكتاب مرقوم مكتوب من الرقم أشار به إلى تفسير الرقيم، فالذي فسره منقول عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، رواه الطبراني من حديث