عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢٦٥
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) * (الحشر: 9). قوله: * (ومن يوق نفسه) * (الحشر: 9). قال الزمخشري: ومن غلب ما أمرته به نفسه وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه: * (فأولئك هم المفلحون) * (الحشر: 9). الظافرون بما أرادوا. وقرئ: ومن يوق، بتشديد القاف، وأصله من الوقاية وهي الحفظ، والشح، بالضم والكسر وقد قرىء بها: اللوم، وأن تكون النفس كزة حريصة على المنع، وقيل: الشح والبخل بمعنى واحد، وقيل: الشح أخذ المال بغير حق، والبخل المنع من المال المستحق، وقيل: الشح بما في يد الغير، والبخل بما في يده، وقيل: البخيل إذا وجد شبع، والشحيح لا يشبع أبدا فالشح أعم.
11 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)) أي: هذا باب في ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: (اقبلوا من محسن الأنصار وتجاوزوا عن مسيئهم)، أي: لا تؤاخدوه بإساءته.
9973 حدثني محمد بن يحيى أبو علي حدثنا شاذان أخو عبدان حدثنا أبي أخبرنا شعبة بن الحجاج عن هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول مر أبو بكر والعباس رضي الله تعالى عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما يبكيكم قالوا ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذالك قال فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذالك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. (الحديث 9973 طرفه في: 1083).
مطابقته للترجمة في آخر الحديث لأنه عين الترجمة ومحمد بن يحيى أبو علي اليشكري المروزي الصائغ، بالغين المعجمة كان أحد الحفاظ، روى عنه مسلم والنسائي أيضا وقال: ثقة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقيل: مات قبل البخاري بأربع سنين. قلت: نعم، لأن البخاري مات في سنة ست وخمسين ومائتين، وشاذان بالمعجمة اسمه عبد العزيز بن عثمان بن جبلة وهو أخو عبدان وهو أكبر من شاذان، وقد أكثر البخاري في (صحيحه) عن عبدان، وأدرك شاذان ولكنه روى عنه هنا بواسطة، وأبوهما عثمان بن جبلة روى عنه ابنه عبدان عند البخاري ومسلم، وروى عنه شاذان عند البخاري في غير موضع، وهشام بن زيد بن أنس بن مالك روى عن جده أنس بن مالك.
والحديث أخرجه النسائي أيضا عن شيخ البخاري محمد بن يحيى المذكور في المناقب.
قوله: (والعباس)، هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مرورهما بمجلس من مجالس الأنصار في مرض النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وهم يبكون)، جملة حالية. قوله: (فقال ما يبكيكم؟) يحتمل أن يكون هذا القائل أبا بكر، ويحتمل أن يكون العباس، وقال بعضهم: والذي يظهر لي أنه العباس قلت: لا قرينة هنا تدل على ذلك، ثم قوي ما قاله من أنه العباس بالحديث الثاني الذي يأتي الآن، الذي رواه ابن عباس، فقال: هذا من رواية ابنه، يعني: ابن عباس، فكأنه سمع ذلك منه. قلت: هذا أبعد من ذلك، لأن الوصية في حديث ابن عباس أعم من الوصية التي في حديث العباس، لأنها في حديثه مختصة بالأنصار، بخلاف حديث ابن عباس، فأين ذا من ذاك؟ حتى يكون هذا دليلا على أن القائل في قوله: فقال: ما يبكيكم، هو العباس من غير احتمال أن يكون أبا بكر، رضي الله تعالى عنه؟ قوله: (ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم)، لأنهم كانوا يجلسون معه وكان ذلك في مرض النبي صلى الله عليه وسلم، فخافوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه، فبكوا حزنا على فوات ذلك. قوله: (فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم) أي: فدخل هذا القائل:
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»