عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٩
9243 حدثني إسحاق أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال لما نزلت * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * (الأنعام: 28). شق ذلك على المسلمين فقالوا يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه قال ليس ذلك إنما هو الشرك ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه * (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) *.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وإسحاق هو ابن راهويه، وعبد الله هو ابن مسعود، وهذا طريق آخر في الحديث المذكور.
قوله: (إنما هو الشرك)، أي: الظلم المذكور في تلك الآية هو الشرك، والظلم لفظ عام يعم الشرك وغيره، وقد خص في الآية بالشرك. ومعنى: اختلاط الإيمان، هو أن الإيمان التصديق بالله وهو لا ينافي جعل الأصنام آلهة، قال الله تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) * (يوسف: 601). قوله: (ما قال لقمان لابنه) قال السهيلي، اسم ابنه: باران، بالباء الموحدة وبالراء، وكذا قاله الطبري والعتبي، وقال الثعلبي: اسمه أنعم، وقال الكلبي: أشكم. قوله: (وهو يعظه) جملة حالية، والله أعلم.
24 ((باب * (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) * (ي 1764; س: 31). الآية)) أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: * (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون) * (ي 1764; س: 31). قوله: (واضرب لهم مثلا) أي: لأجلهم، وقيل: واضرب لأجل نفسك أصحاب القرية مثلا، وحاصل المعنى: اذكر لهم قصة عجيبة، يعني: قصة أصحاب القرية، وهي أنطاكية: * (إذ جاءها المرسلون) * (ي 1764; س: 31). أي: رسل عيسى، وكلمة إذ، بدل من أصحاب القرية، وكان إرسال عيسى، عليه الصلاة والسلام، رسله في أيام ملوك الطوائف.
واختلفوا في اسم الرسولين اللذين أرسلا أولا، فقال ابن إسحاق: قاروص وماروص، وقال وهب: يحيى ويونس، وقال مقاتل: تومان ومالوس، وقال كعب: صادق وصدوق، واسم الرسول الثالث: شمعون الصفا رأس الحواريين، وهو قول أكثر المفسرين، وقال كعب: اسمه شلوم، وقال مقاتل: سمعان، وقيل: بولص، ولم يذكر البخاري في هذا الباب حديثا مرفوعا، وقد روى الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا: السبق ثلاثة: يوشع إلى موسى، وصاحب يس إلى عيسى، وعلي إلى محمد، صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده حسين بن الحسن الأشقر وهو ضعيف، واسم صاحب يس: حبيب النجار، وعن السدي: كان قصارا، وقيل: كان إسكافا، وكان اسم ملك أنطاكية أنطيخس بن أنطيخس وكان يعبد الأصنام.
فعززنا.. قال مجاهد شددنا أشار به إلى تفسير قوله تعالى: * (فعززنا) * (ي 1764; س: 31). وحكي عن مجاهد أنه قال: معناه: شددنا، يعني: قوينا الرسولين الأولين برسول ثالث، وعلى يده كان الخلاص.
قال ابن عباس طائركم مصائبكم أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون) * (ي 1764; س: 91). ووصل ابن أبي حاتم قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه به. قوله: * (طائركم) * وفسره ابن عباس بقوله: مصائبكم، ولما قالوا: * (إنا تطيرنا بكم) * (ي 1764; س: 81). يعني: تشاءمنا بكم، قالوا: طائركم، أي: شؤمكم معكم، وهو كفرهم.
34 ((باب قول الله تعالى * (كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكرياء إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا) * إلى قوله * (لم نجعل له من قبل سميا) * (مريم: 3 7).)) أي: هذا باب في بيان قول الله تعالى: * (كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا) * (مريم: 3 7). إلى آخره. قوله: (إلى قوله)، أي: إقرأ إلى قوله: * (لم نجعل له من قبل سميا) * (مريم: 3 7). وهو قوله: * (ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالى من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»