عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٠٦
لسبع، وقيل: لأربع وعشرين ليلة منه، فيما ذكره ابن عساكر، وعن أبي قلابة: نزل عليه الوحي لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، وعند المسعودي: يوم الاثنين لعشر خلون من ربيع الأول، وعند ابن إسحاق: ابتدأ بالتنزيل يوم الجمعة من رمضان بغتة، وعمره أربعون سنة وعشرون يوما، وهو تاسع شباط لسبعمائة وأربعة وعشرين عاما من سني ذي القرنين، وقال ابن عبد البر: يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الفيل، وقيل: في أول ربيع، وفي (تاريخ يعقوب بن سفيان الفسوي): على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة، وعن مكحول: أوحي إليه بعد اثنتين وأربعين سنة، وقال الواقدي: وابن أبي عاصم والدولابي في (تاريخه): نزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين سنة. وفي (تاريخ أبي عبد الرحمن العتقي): وهو ابن خمس وأربعين سنة لسبع وعشرين من رجب، قاله الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهما، وجمع بين هذه الأقوال، والأول بأن ذلك حين حمي الوحي وتتابع، وعند الحاكم مصححا: أن إسرافيل، عليه السلام، وكل به ثلاث سنين، قبل جبريل صلى الله عليه وسلم، وأنكر ذلك الواقدي، وقال: أهل العلم ببلدنا ينكرون أن يكون وكل به غير جبريل صلى الله عليه وسلم، وزعم السهيلي إن إسرافيل صلى الله عليه وسلم وكل به صلى الله عليه وسلم تدربا وتدريجا لجبريل كما كان أول نبوته الرؤيا الصادقة. قوله: (فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه) أي: الوحي، وهذا يقتضي أنه عاش ستين سنة، وأخرج مسلم من وجه آخر عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم: عاش ثلاثا وستين سنة، وهو موافق لحديث عائشة الذي مضى عن قريب، وبه قال الجمهور، والله أعلم. قوله: (وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء)، يعني: دون ذلك. فإن قلت: روى ابن إسحاق بن راهويه وابن حبان والبيهقي من حديث ابن عمر: (كان شيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم نحوا من عشرين شعرة بيضاء في مقدمه)، فهذا وحديث أنس يقتضي أن يكون أكثر من عشرة إلى ما دون عشرين، وحديث عبد الله بن بسر الماضي يدل على أنها كانت عشرة، لأنه قال: عشر شعرات بصيغة جمع القلة، وقد ذكرنا عن قريب أن جمع القلة لا يزيد على عشرة. قلت: التوفيق بين هذا أن حديث ابن بسر في شعرات عنفقته، وما زاد على ذلك يكون في صدغيه، كما في حديث البراء، رضي الله تعالى عنه. فإن قلت: روى ابن سعد بإسناد صحيح عن حميد عن أنس في أثناء حديث، قال: لم يبلغ ما في لحيته من الشعر عشرين شعرة، قال حميد: وأومأ إلى عنفقته سبع عشرة، وروى أيضا بإسناد صحيح عن ثابت عن أنس، قال: (ما كان في رأس النبي صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا سبع عشرة أو ثمان عشرة)، وروى ابن أبي خيثمة من حديث حميد عن أنس: لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء، قال حميد: كن سبع عشرة، وروى الحاكم في (المستدرك) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن أنس، قال: لو عددت ما أقبل من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة. قلت: هذه أربع روايات عن أنس كلها تدل على أن شعراته البيض لم تبلغ عشرين شعرة، والرواية الثانية توضح بأن ما دون العشرين كان سبع عشرة أو ثمان عشرة، فيكون كما ذكرنا العشرة على عنفقته والزائد عليها يكون في بقية لحيته، لأنه قال في الرواية الثالثة: لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء، واللحية تشمل العنفقة وغيرها، وكون العشرة على العنفقة بحديث عبد الله بن بسر، والبقية بالأحاديث الأخر في بقية لحيته، وكون حميد أشار إلى عنفقته سبع عشرة ليس يفهم ذلك من نفس الحديث، والحديث لا يدل إلا على ما ذكرنا من التوفيق، وأما الرواية الرابعة التي رواها الحاكم فلا تنافي كون العشرة على العنفقة والواحد على غيرها، وهذا الموضع موضع تأمل. قوله: (قال ربيعة)، هو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (فسألت)، قيل: يمكن أن يكون المسؤول عنه أنسا، ويدل عليه ما راه محمد ابن عقيل: أن عمر بن عبد العزيز قال لأنس: هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم فإني رأيت شعرا من شعره قد لون؟ فقال: إنما هذا الأثر قد لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله، صلى الله عليه وسلم فهو الذي غير لونه فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسا عن ذلك فأجابه بقوله: أحمر من الطيب، يعني لم يخضب، والله أعلم.
8453 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق وليس بالآدم وليس بالجعد القطط ولا بالسبط بعثه
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»