عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٠٤
بثلاثة عشر، وقال ابن التين: وكان حقه أن يقول: ثلاث عشرة، وهو ظاهر قوله: (قلوصا) بفتح القاف وضم اللام، وهي الأنثى من الإبل، وقيل: هي الطويلة القوائم، وقال الداودي: هي الثنية من الإبل. قوله: (فقبض النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن نقبضها) أي: قبل أن نقبض تلك القلائص.
وفيه: إشعار أن ذلك كان قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قلت: نعم، روى الإسماعيلي من طريق محمد بن الفضيل بالإسناد المذكور: فذهبنا نقبضها فأتانا موته فلم يعطونا شيئا، فلما قام أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، قال: من كانت له عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم عدة، فليجىء، فقمت إليه فأخبرته فأمر لنا بها.
5453 حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن وهب أبي جحيفة السوائي قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ورأيت بياضا من تحت شفته السفلى العنفقة.
هذا طريق آخر عن عبد الله بن رجاء بن المثنى الفداني البصري عن إسرائيل بن يونس عن جده أبي إسحاق السبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله الكوفي.
قوله: (العنفقة)، بالجر على أنه بدل من: الشفة، ويجوز بالنصب على أن يكون بدلا من قوله: (بياضا). قال ابن سيده في (المخصص): هي ما بين الذقن وطرف الشفة السفلى كأن عليها شعر أو لم يكن، وقيل: هو ما كان نبت على الشفة السفلى من الشعر، وقال القزاز: هي تلك الهمزة التي بين الشفة السفلى والذقن، وقال الخليل: هي الشعيرات بينهما، ولذلك يقولون في التحلية: نقي العنفقة، وقال أبو بكر: العنفقة خفة الشيء وقلته، ومنه اشتقاق: العنفقة، فدل هذا على أن العنفقة الشعر، وأنه سمي بذلك لقلته وخفته، وفي هذا الحديث بين موضع البياض والشمط.
6453 حدثنا عصام بن خالد حدثنا حريز بن عثمان أنه سأل عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كان شيخا قال كان في عنفقته شعرات بيض.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وعصام، بكسر العين المهملة: ابن خالد أبو إسحاق الحمصي الحضرمي، مات سنة بضع عشرة ومائتين، من كبار شيوخ البخاري وليس له عنه في (الصحيح) غيره، وهو من أفراد البخاري، و: حريز، بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره زاي: ابن عثمان السامي، مات سنة ثلاث وستين ومائة، وعبد الله بن بسر، بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة وفي آخره راء.
والحديث من ثلاثيات البخاري، الثالث عشر منها، ومن أفراده أيضا.
قوله: (أرأيت النبي) يجوز فيه وجهان: أحدهما: أن يكون أرأيت بمعنى أخبرني، ويكون لفظ: النبي، مرفوعا على الابتداء. وقوله: (أكان شيخا)، خبره على تأويل: هل يقال فيه: كان شيخا؟ وأعربه بعضهم بأن النبي مرفوع على أنه اسم: كان، وفيه ما فيه، والوجه الآخر: أن يكون: أرأيت؟ استفهاما تقديره: هل رأيت النبي أكان شيخا؟ فيكون النبي منصوبا على المفعولية، ويؤيد هذا ما رواه الإسماعيلي من وجه آخر عن حريز بن عثمان، قال: رأيت عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم بحمص والناس يسألونه، فدنوت منه وأنا غلام، فقلت: أنت رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قلت: أشيخ كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم أم شاب؟ قال: فتبسم. وفي رواية له: فقلت له: أكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم صبغ؟ قال: يا ابن أخي، لم يبلغ ذلك. قوله: (شعرات بيض)، الشعرات جمع شعرة، والبيض بكسر الباء الموحدة جمع أبيض، وقال الكرماني: شعرات جمع قلة فلا يكون زائدا على عشرة. قلت: سمعت بعد الأساتذة الكبار: أن عدد الشعرات البيض التي كانت على عنفقته سبعة عشر شعرة، والله أعلم.
7453 حدثني ابن بكير قال حدثني الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمان قال سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم ليس بجعد قطط ولا سبط رجل أنزل عليه وهو ابن أربعين فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه وبالمدينة عشر
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»