عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٠٥
سنين وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء قال ربيعة فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل احمر من الطيب.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وابن بكسر هو يحيى بن بكير تصغير بكر وهو منسوب إلى جده لأنه يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكريا المخزومي المصري، والليث هو ابن سعد المصري، وخالد هو ابن يزيد الجمحي الإسكندراني أبو عبد الرحيم الفقيه المفتي، وسعيد بن أبي هلال الليثي المدني، وربيعة بن أبي عبد الرحمن بن فروخ الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن عبد الله بن يوسف عن مالك وفي اللباس عن إسماعيل عن مالك. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن يحيى بن يحيى عن مالك وعن يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر وعن القاسم بن زكرياء. وأخرجه الترمذي في المناقب عن قتيبة عن مالك وعن إسحاق بن موسى عن معن عن مالك. وأخرجه النسائي في الزينة عن قتيبة عن مالك به مختصرا.
ذكر معناه: قوله: (كان ربعة)، بفتح الراء وسكون الباء الموحدة أي: مربوعا، والتأنيث باعتبار النفس، يقال: رجل ربعة وامرأة ربعة. قوله: (ليس بالطويل ولا بالقصير)، تفسير ربعة، أي: ليس بالطويل الباين المفرط في الطول مع اضطراب القامة، قال الأخفش: هو عيب في الرجال والنساء، وسيأتي في حديث البراء عن قريب أنه كان مربوعا، ووقع في حديث أبي هريرة عند الذهلي. في (الزهريات) بإسناد حسن: كان ربعة وهو إلى الطول أقرب. قوله: (أزهر اللون) أي: أبيض مشرب بحمرة، وقد وقع ذلك صريحا في مسلم من حديث أنس من وجه آخر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بياضه بحمرة، وقيل: الأزهر أبيض اللون ناصعا. قوله: (ليس بأبيض أمهق)، كذا وقع في الأصول، ووقع عند الداودي تبعا لرواية المروزي: أمهق ليس بأبيض، وقال الكرماني: أمهق أبيض لا في الغاية، وهو معنى ليس بأبيض. وقال رؤبة: المهق خضرة الماء، ولم يوجد لفظ أمهق في بعض النسخ وهو الأظهر. وفي (الموعب): الأمهق البياض الجصي، وكذلك الأمقه، وقيل: هو بياض في زرقة، وامرأة مهقاء ومقهاء، وقال بعضهم: هما الشديدا البياض، وعن ابن دريد: هو بياض سمج لا يخالطه حمرة ولا صفرة. وفي (التهذيب): بياض ليس بنير. وفي (الجامع): بياض شديد مفتح، وقيل: هو شدة الخضرة. وقال عياض: من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم فقد وهم، وليس بصواب، ورد عليه بأن المراد أنه ليس بالأبيض الشديد البياض، ولا بالآدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب قد تطلق على من كان كذلك أسمر، ولهذا جاء في حديث أنس أخرجه أحمد والبزار وابن منده بإسناد صحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان أسمر)، وفي روايات كثيرة مختلفة، فعند النظر يظهر من مجموعها أن المراد بالسمرة: الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما يخالط الحمرة، والمنفي ما لا يخالطه، وهو الذي تكرهه العرب وتسميه أمهق، وبهذا يظهر أن رواية المروزي: أمهق، ليس بأبيض، مقلوبة على أنه يمكن توجيهه بما ذكرناه عن الكرماني آنفا. قوله: (ليس بجعد قطط)، الجعد، بفتح الجيم وسكون العين المهملة، والقطط بفتحتين والجعودة في الشعر أن لا يتكسر ولا يسترسل، والقطط شديد الجعودة. وفي (التلويح): الشعر القطط شبيه بشعر السودان. قوله: (ولا سبط)، بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة: من السبوطة وهي ضد الجعودة، والحاصل أنه: وسط بين الجعودة والسبوطة، ويقال: يعني شعره ليس بهاتين الصفتين وإنما فيه جعدة بصقلة. قوله: (رجل)، بفتح الراء وكسر الجيم وقيل بفتحها وقيل بسكونها، وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو رجل، أي: مسترسل، وقيل: منسرح. وفي حديث الترمذي عن علي، رضي الله تعالى عنه: ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط، كان جعدا رجلا. ووقع عند الأصيلي: رجل، بالجر. قيل: إنه وهم ويمكن توجيهه على أنه جر بالمجاورة، ويروى في بعض الروايات: رجل، بفتح اللام وتشديد الجيم، على أنه فعل ماض، فإن صحت هذه الرواية فلا يظهر وجه وقوعه هكذا إلا بتعسف. قوله: (أنزل عليه)، يعني: الوحي، وفي رواية مالك: بعثه الله. قوله: (وهو ابن أربعين سنة)، جملة حالية يعني: وعمره أربعون سنة، وهو قول الأكثرين، وقيل: أنزل عليه الوحي بعد أربعين سنة وعشرة أيام، وقيل: وشهرين، وذلك يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وقيل:
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»