5513 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الشيباني قال سمعت ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهما يقول أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله، صلى الله عليه وسلم اكفؤوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئا: قال عبد الله فقلنا إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس قال وقال آخرونع حرمها البتة وسألت سعيد بن جبير فقال حرمها البتة..
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن عادتهم جرت بالإسراع إلى المأكولات، ولولا ذلك ما أقدموا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فلما أمروا بالإراقة كفوا.
وعبد الواحد بن زياد العبدي البصري، والشيباني، بفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة والنون: هو سليمان بن أبي سليمان، واسمه فيروز الكوفي وابن أبي أوفى هو عبد الله بن أبي أوفى، واسم أبي أوفى: علقمة.
وأخرجه البخاري أيضا في المغازي عن سعيد بن سليمان. وأخرجه مسلم في الذبائح عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أبي كامل الجحدري، وأخرجه النسائي في الصيد عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري. وأخرجه ابن ماجة في الذبائح عن سويد بن سعيد.
قوله: (مجاعة) أي: جوع شديد. قوله: (اكفوا)، أي: إقلبوا، من: كفأت القدر إذا كببتها لتفرغ ما فيها، وكفأت الإناء وأكفأته إذا كببته وإذا أملته. قوله: (ولا تطعموا) أي: ولا تذوقوا. قوله: (قال عبد الله)، هو عبد الله بن أبي أوفى الصحابي راوي الحديث، وبين ذلك في المغازي من وجه آخر عن الشيباني، بلفظ: قال ابن أبي أوفى: فتحدثنا... فذكر نحوه، وفي رواية مسلم من طريق علي بن مسهر عن الشيباني، قال: فتحدثنا بيننا... أي: الصحابة، وهذه إشارة إلى أن الصحابة اختلفوا في علة النهي عن لحوم الحمر: هل هو لذاتها أو لعارض؟ فقال عبد الله: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس، فهذا يدل على أنها إذا خمست تؤكل. وقال بعضهم: لأنها كانت تأكل القذر، وفي (كتاب الأطعمة) لعثمان بن سعيد الدارمي، بإسناده عن سعيد بن جبير، قال: إنما نهى عنها لأنها كانت تأكل القذر، وقال آخرون، منهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: إنما كرهت ابقاء على الظهر وخشية أن يفنى. قوله: (وقال آخرون: حرمها البتة)، أي: قال جماعة آخرون من الصحابة: حرمها البتة، يعني قطعا، وهو منصوب على المصدرية، يقال: بته البتة من البت، وهو القطع. قوله: (وسألت سعيد ابن جبير)، السائل هو الشيباني، وللشيباني رواية عن سعيد بن جبير من غير هذا الحديث عند النسائي. فإن قلت: روى ابن شاهين في (ناسخه) استدلالا على نسخ التحريم بأسناد جيد عن البراء بن عازب، قال: أمرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أن نكفيء الحمر الأهلية نيئة ونضيجة، ثم أمر...
.. بعد ذلك، وروى أبو داود أيضا من حديث غالب بن أبجر أنه قال: يا رسول الله! لم يبق في مالي شيى أطعم أهلي إلا حمر لي! فقال: أطعم أهلك من سمين مالك. قلت: الأحاديث الصحيحة الثابتة ترد ذلك كله، وقال الخطابي: حديث غالب مختلف في إسناده فلا يثبت، والنهي ثابت، وقال عبد الحق: ليس هو بمتصل الإسناد، وقال السهيلي: ضعيف لا يعارض بمثله حديث النهي.
بسم الله الرحمان الرحيم 85 ((كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب)) أي: هذا كتاب في بيان أحكام الجزية إلى آخره، ولفظ: الكتاب، إنما وقع عند أبي نعيم وابن بطال وعند الأكثرين: باب الجزية، وأما البسملة فموجودة عند الكل إلا في رواية أبي ذر، والجزية من الجزاء: لأنها مال يؤخذ من أهل الكتاب جزاء الإسكان في دار الإسلام، وقيل: من جزأت الشيء إذا قسمته، ثم سهلت الهمزة، وهي عبارة عن المال الذي يعقد للكتابي عليه الذمة، وهي فعيلة من الجزاء، كأنها جزت عن قتله، والموادعة المتاركة، والمراد بها متاركة أهل الحرب مدة معينة لمصلحة، قيل: فيه لف ونشر مرتب لأن الجزية مع أهل الذمة والموادعة مع أهل الحرب.