ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.
والحديث قد مضى في: باب قول الله تعالى: * (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه) * (نوح: 1). عن قريب. قوله: (وينفذهم)، رواه الأكثرون بفتح الياء وبعضهم بالضم، يقال: نفذني بصره: إذا بلغني، وتجاوز، ويقال: أنفذت القوم إذا أخذتهم، ومعناه أنه يحيط بهم بصر الناظر لا يخفى عليه منهم شيء لاستواء الأرض. وقال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنما هو بالمهملة أي: يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلهم ويستوعبهم، من نفدت الشيء انفده وأنفدته. قوله: (فذكر كذباته) تفسير قوله: فيقول.
تابعه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: تابع أبا هريرة في رواية الحديث المذكور أنس بن مالك، بين البخاري هذه المتابعة في التوحيد وغيره من حديث قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا...) الحديث.
2633 حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا وهب بن جرير عن أبيه عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يرحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا معينا..
مطابقته للباب الذي تقدم ظاهرة لأنه في قضية إبراهيم، عليه السلام، وحديث ابن عباس هذا أخرجه البخاري من ثلاث طرق: وهذا هو الأول.
ورجاله سبعة: الأول: أحمد بن سعيد بن إبراهيم أبو عبد الله المروزي المعروف بالرباطي. الثاني: وهب بن جرير الأزدي البصري أبو العباس. الثالث: أبوه جرير، بفتح الجيم: ابن حازم بن زيد أبو النصر الأزدي البصري. الرابع: أيوب السختياني. الخامس: عبد الله بن سعيد بن جبير الأسدي الكوفي. السادس: أبوه سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الفقيه الورع. السابع: عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما.
ذكر الاختلاف الواقع في هذا الإسناد: هذا الحديث رواه ابن السكن والإسماعيلي من طريق حجاج بن الشاعر عن وهب بن جرير عن أبيه عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد في روايتهما: أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه. ورواه النسائي عن أحمد بن سعيد شيخ البخاري المذكور عن وهب بن جرير عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب... إلى آخره، فأسقط عبد الله بن سعيد بن جبير، وزاد أبي بن كعب. ورواه النسائي أيضا عن أبي داود سليمان بن سعيد عن علي بن المديني عن وهب به، وفيه: قلت لأبي حماد: لا تذكر أبي بن كعب، ولا ترفعه، وقال: أنا أحفظ كذا، وكذا حدثني به أيوب. قال وهب: وحدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس نحوه، ولم يذكر أبي بن كعب، ولم يرفعه، قال وهب: فأتيت سلام بن أبي مطيع فحدثني بهذا الحديث عن حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن سعيد، فرد ذلك ردا شديدا ثم قال لي: فأبوك ما يقول؟ قلت: أبي يقول: أيوب عن سعيد. فقال: العجب! والله ما يزال الرجل من أصحابنا، الحافظ قد غلط، إنما هو أيوب عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير. وقال أبو مسعود: رأيت جماعة اختلفوا على وهب بن جرير في هذا الإسناد، قال الجياني: لم يذكر أبو مسعود إلا هذا، وأنا أذكر ما انتهى إلي من الخلاف على وهب وعلى غيره في هذا الإسناد، فرواه عن حجاج عن وهب به بزيادة أبي بن كعب، ثم رواه من طريق البخاري بإسقاطه، ورواه علي بن المديني عنه بإثباته، ورواه حماد بن زيد عن أيوب فلم يذكره ولا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ورواه ابن علية عن أيوب، فقال: نبئت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال أول من سعى بين الصفا والمروة.. الحديث بطوله، نحوا مما رواه معمر عن أيوب عن سعيد وفيه قصة زمزم، ورواه سلام بن أب مطيع عن أيوب عن عكرمة بن خالد ولم يذكر ابن جبير، قال أبو علي: وكيف يصح هذا وفيه من الخلاف ما عرفت؟ فنقول: إذا ميزه الناظر ميز منه ما ميزه البخاري وحكم بصحته وعلم أن الخلاف الظاهر فيه إنما يعود إلى وفاق، وأنه لا يدفع بعضه بعضا، والاختلاف إذا كان دائرا على ثقات حفاظ لا يضر، فلا يلتفت إلى عيب