عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٥٥
وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة قال فهل أوصاك بشيء قالت نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا قال كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله فقال ما طعامكم قالت اللحم قال فما شرابكم قالت الماء قال أللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد قالت نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري له نبلا تحت دوحة قريبا من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك قال وتعينني قال وأعينك قال فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال فعند ذالك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهاذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم..
هذا من تتمة الحديث الأول، لأن الحديث الأول جزء يسير منه، وهذا يوضح القصة كما ينبغي، وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي، وعبد الرزاق بن همام، ومعمر بن راشد.
ذكر معناه: قوله: (المنطق)، بكسر الميم ما يشد به الوسط أي: اتخذت أم إسماعيل منطقا، وكان أول الإتخاذ من جهتها، ومعناه: أنها تزيت بزي الخدم إشعارا بأنها خادمها، يعني: خادم سارة لتستميل خاطرها وتجبر قلبها، وفي رواية ابن جريج: النطق، بضم النون والطاء، وهو جمع: منطق، وكان السبب في ذلك أن سارة كانت وهبت هاجر لإبراهيم فحملت منه بإسماعيل، فلما ولدته غارت منها، فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء، فاتخذت هاجر منقطقا فشدت به وسطها وجرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة، وهو معنى قوله: (لتعفي أثرها)، أي: لأن تعفي، يقال عفا على ما كان منه: إذا أصلح بعد الفساد، ويقال: إن إبراهيم شفع فيها، وقال لسارة: حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها، فكانت أول من فعل ذلك، ووقع في رواية ابن علية عند الإسماعيلي: أول ما أحدث العرب جر الذيول عن أم إسماعيل. قوله: (ثم جاء بها إبراهيم) قيل: كان على البراق، وقيل: كان تطوى له الأرض. قوله: (وهي ترضعه)، الواو فيه للحال، أي: هاجر ترضع إسماعيل، قوله: (عند البيت) أي: عند موضع البيع، لأنه لم يكن في ذلك الوقت بيت ولا بناء. قوله: (فوضعهما)
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»