عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٤٤
أي: قلبت ونكست، وقال ابن الأثير: يقال: كفأت الإناء وأكفأته، إذا كببته وإذا أملته لتفرغ ما فيها.
ويستفاد من هذا الحديث: حرمة أكل لحم الحمر الأهلية. واختلفت الأحاديث في سبب النهي على خمسة أوجه. الأول: ما ذكره مسلم في حديث أنس: (فإنها رجس أو نجس). والثاني: كونها حمولة للناس على ما ذكر في حديث ابن مسعود: (نهى عنها لأنها كانت حمولة)، وهو وإن كان ضعيفا فهو مذكور في حديث ابن عباس المتفق عليه، لا أدري أنهى عنه من أجل أنها كانت حمولة للناس، فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه، وفي بعض طرقه في (المعجم الكبير) للطبراني: (حرمتها مخافة قلة الظهر)، وفي حديث ابن عمر عند مسلم: (وكان الناس احتاجوا إليها). والثالث: كونها لم تخمس، ففي حديث ابن أبي أوفى المتفق عليه، فقال فيه: (ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا). قال: فقال ناس: إنما نهى عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس، وقال آخرون: (نهى عنها البتة). الرابع: كونها جلالة فروى ابن ماجة في حديث ابن أبي أوفى: (إنما حرمها رسول الله، صلى الله عليه وسلم البتة من أجل أنها كانت جلالة تأكل العذرة). وروى أبو داود في حديث غالب بن أبحر: (فإنما حرمتها من جوال القرية). والخامس: كونها انتهبت. ولم تقسم، فروى الطبراني بإسناد جيد من حديث ثعلبة بن الحكم، قال: فسمعته ينهى عن النهبة، فأمر بالقدود فاكقئت من لحوم الحمر الأهلية والتعليل بالنجاسة قاض على هذه العلل كلها فهيء مؤثرة بنفسها وذهب قوم، منهم عاصم بن عمر بن قتادة وعبيد بن الحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى إلى إباحة أكل لحوم الحمر الأهلية. واحتجوا فيه بحديث أبحر أو ابن أبحر، أنه قال: يا رسول الله! إنه لم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعمه أهلي إلا حمر لي، قال: (فأطعم أهلك من سمين مالك، فإنما كرهت لكم جوال القرية). رواه الطحاوي وأبو يعلى والطبراني، وقال جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: يحرم أكل لحوم الحمر الأهلية، واحتجوا في ذلك بحديث الباب، وما جاء به نحوه، وبه قالت الظاهرية، وحديث أبحر مختلف في إسناده اختلافا شديدا.
وقال البيهقي: هو معلول، وقال ابن حزم: هو بطرقه باطل لأنها كلها من طريق عبد الرحمن بن بشر، وهو مجهول، وعن عبد الله بن عمرو بن لؤيم، وهو مجهول ومن طريق شريك، وهو ضعيف.
تابعه علي عن سفيان رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يعني تابع عبد الله بن محمد المسندي علي بن عبد الله المعروف بابن المديني شيخ البخاري، وقد أسنده في علامات النبوة عنه عن سفيان، والله أعلم.
131 ((باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير)) أي: هذا باب فيه بيان ما يكره وكلمة: من، بيانية.
2992 حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث لأن حاصل المعنى فيه أنه صلى الله عليه وسلم كره رفع الصوت بالذكر والدعاء.
ومحمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي، وهو من أفراده، والأصح أنه محمد بن يوسف الفريابي، كما نص عليه أبو نعيم الحافظ، وسفيان هو ابن عيينة، وعاصم هو الأحول، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي الكوفي، وأبو موسى عبد الله ابن قيس الأشعري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن موسى بن إسماعيل وفي الدعوات وفي التفسير عن سليمان بن حرب وفي الدعوات أيضا عن محمد بن مقاتل. وأخرجه مسلم في الدعوات عن ابن نمير وإسحاق بن إبراهيم
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»