وكذلك أي: كالمذكور في الترجمة من كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو يروى عن محمد بن بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن الفرافصة أبو عبد الله العبدي من عبد القيس الكوفي، وعبيد الله بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم، ورواية محمد بن بشر هذه وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه، ولفظه: كره رسول الله، صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، وأراد بالقرآن المصحف، لأن القرآن المنزل على الرسول المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا بلا شبهة، وهذا لا يمكن السفر به، فدل على أن المراد به المصحف المكتوب فيه القرآن.
وتابعه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: تابع محمد بن بشر محمد بن إسحاق صاحب (المغازي) عن نافع عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومتابعته إياه في كراهية السفر بالمصحف إلى أرض العدو، وإنما ذكر المتابعة لأجل زيادة من زاد في الحديث: مخافة أن يناله العدو زاعما أنها مرفوعة لأنها لم تصح عنده ولا عند مالك مرفوعة، وقال المنذري: رواه بعضهم من حديث ابن مهدي والقعنبي عن مالك، فأدرج هذه الزيادة في الحديث، وقد اختلف عن القعنبي في هذه الزيادة فمرة بين أنها قول مالك، ومرة يدرجها في الحديث، ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك يذكر هذه الزيادة البتة، وقد رفع هذه الكلمات أيوب والليث والضحاك بن عثمان الحزامي عن نافع عن ابن عمر، وقال بعضهم: يحتمل أن مالكا شك: هل هي من قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فجعل بتحريه هذه الزيادة من كلامه على التفسير، وإلا فهي صحيحة من قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم من رواية غيره.
وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن أراد البخاري بهذا الكلام أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو لا السفر بالقرآن نفسه، وقد ذكرنا آنفا أن السفر بنفس القرآن لا يمكن، وإنما المراد بالقران المصحف، وقال الداودي: لا حجة فيما ذكره البخاري، وقد روى مفسرا نهي أن يسافر بالمصحف، رواه ابن مهدي عن مالك وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر. وقال الإسماعيلي: ما كان أغنى البخاري عن هذا الاستدلال، لم يقل أحد أن من يحسن القرآن لا يغزو العدو في داره، وقيل: الاستدلال بهذا على الترجمة ضعيف، لأنها واقعة عين، ولعلهم تعلمون تلقينا وهو الغالب حينئذ، فعلى هذا يقرأ: يعلمون، بالتشديد. وقال الكرماني. قوله: (يعلمون)، من العلم، وفي بعض الرواية من التعليم، وقال صاحب (التوضيح): لكن رأيته في أصل الدمياطي بفتح الياء، وأجاب المهلب: بأن فائدة ذلك أنه أراد أن يبين أن نهيه عن السفر به إليهم ليس على العموم ولا على كل الأحوال، وإنما هو في العساكر والسرايا التي ليست مأمونة، وأما إذا كان في العسكر العظيم فيجوز حمله إلى أرضهم، ولأن الصحابة كان بعضهم يعلم بعضا لأنهم لم يكونوا مستظهرين له، وقد يمكن أن يكون عند بعضهم صحف فيها قرآن يعلمون منها، فاستدل البخاري أنهم في تعلمهم كان فيهم من يتعلم بكتاب، فلما جاز تعلمه في أرض العدو بكتاب وبغير كتاب كان فيه إباحة لحمله إلى أرض العدو إذا كان عسكرا مأمونا، وهذا قول أبي حنيفة، ولم يفرق مالك بين العسكر الكبير والصغير في ذلك، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة الجواز مطلقا. قلت: ليس كذلك، الأصح هو الأول: وقال ابن سحنون. قلت لأبي: أجاز بعض العراقيين الغزو بالمصاحف في الجيش الكبير بخلاف السرية، قال سحنون: لا يجوز ذلك لعموم النهي، وقد يناله العدو في غفلة.
0992 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.
مطابقته للترجمة ظاهرة، لأن المراد بالقرآن المصحف كما ذكرناه.
والحديث أخرجه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: