عن أبي هريرة، رفعه: الجرس مزمار الشيطان، وهذا يدل على أن الكراهة فيه لصورته لأن فيه شبها بصوت الناقوس وشكله. فإن قلت: الكراهة فيه للتحريم أو للتنزيه؟ قلت: قال النووي وغيره: الجمهور على النهي كراهة تنزيه، وقيل: كراهة تحريم، وقيل: يمنع منه قبل الحاجة، ويجوز إذا وقعت الحاجة. وعن مالك: تختص الكراهة من القلائد بالوتر ويجوز بغيرها إذا لم يقصد دفع العين، هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي عنه، فإنه إنما يجعل للتبرك له والتعوذ بأسمائه وذكره، وكذلك لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء أو السرف.
واختلفوا في تعليق الجرس أيضا، فقيل: لا يجوز أصلا، وقيل: يجوز عند الحاجة والضرورة، وقيل: يجوز في الصغير دون الكبير. فإن قلت: تقليد الأوتار هل هو مخصوص بالإبل، على ما في الحديث، أم لا؟ قلت: قد ذكرنا أن تخصيص الإبل بالذكر فيه للغالب، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي وهب الجياني رفعه: إربطوا الخيل وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار، فدل على أن لا اختصاص للإبل.
((باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل يؤذن له)) أي هذا باب في بيان ما جاء من خبر من اكتتب في جيش واكتتب بلفظ المعلوم والمجهول يقال اكتتب فلان إذا كتب نفسه في ديوان السلطان قوله ' حاجة ' نصب على الحال قوله ' أو كان له عذر ' أي أو كان له عذر غير ذلك هل يؤذن له بالحج معها وجواب من يعلم من الحديث 210 - (حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي يقول لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم فقام رجل فقال يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة قال اذهب فحج مع امرأتك) مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله اذهب فحج مع امرأتك لأنه اكتتب في جيش وأرادت امرأته أن تحج الفرض فأذن له أن يحج مع امرأته لأنه اجتمع له مع حج التطوع في حقه تحصيل حج الفرض لامرأته فكان اجتماع ذلك له أفضل من مجرد الجهاد الذي يحصل المقصود منه بغيره وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وأبو معبد بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة اسمه نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة مولى عبد الله بن عباس والحديث مضى في كتاب الحج في أواخر أبواب المحصر في باب حج النساء فإنه أخرجه هناك عن أبي النعمان عن حماد بن زيد عن عمرو عن أبي معبد إلى آخره ومضى الكلام فيه هنا قوله ' فحج ' ويروى فاحجج بفك الإدغام * ((باب الجاسوس)) أي هذا باب في بيان حكم الجاسوس إذا كان من جهة الكفار ومشروعيته إذا كان من جهة المسلمين والجاسوس على وزن فاعول من التجسس وهو التفتيش عن بواطن الأمور (التجسس التبحث) هكذا فسره أبو عبيدة والتبحث من باب التفعل من البحث وهو التفتيش ومنه بحث الفقيه لأنه يفتش عن أصل المسائل (وقول الله تعالى * (لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) *) وقول الله بالجر عطفا على لفظ الجاسوس قال المفسرون نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وقصته تأتي عن قريب ومناسبة ذكر هذه الآية هنا هي أنه ينتزع منها حكم جاسوس الكفار يعلم ذلك من قصة حاطب قوله ' عدوي ' أي عدو ديني وعدوكم