اسم لكل من ملك الحبشة. قوله: (إن رأيت ملكا) أي: ما رأيت ملكا، وكلمة: إن، نافية. قوله: (فقال رجل من بني كنانة) وهو الحليس، بضم الحاء المهملة وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة: ابن علقمة الحارثي. قال ابن ماكولا: رئيس الأحابيش يوم أحد، وقال الزبير بن بكار: سيد الأحابيش. قوله: (وهو من قوم يعظمون البدن) أي: ليسوا ممن يستحلها، ومنه قوله تعالى: * (لا تحلوا شعائر الله) * (المائدة: 5). وكانوا يعظمون شأنها ولا يصدون من أم البيت الحرام، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم بإقامتها له من أجل علمه بتعظيمه لها ليخبر بذلك قومه فيخلوا بينه وبين البيت، والبدن: بضم الباء جمع بدنة، وهي من الإبل والبقر. قوله: (فابعثوها له) أي: للرجل الذي من كنانة. قوله: (فبعثت) على صيغة المجهول. قوله: (فاستقبله الناس) أي: استقبل الرجل الكناني. قوله: (يلبون)، جملة حالية أي: يقولون: لبيك اللهم لبيك إلى آخره. قوله: (فلما رأى ذلك) أي: المذكور من البدن، واستقبال الناس بالتلبية قال تعجبا: سبحان الله. وفي رواية ابن إسحاق: فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي بقلائده قد حبس عن محله رجع ولم يصل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الحاكم: فصالح الحليس، فقال: هلكت قريش ورب الكعبة إن القوم إنما أتوا عمارا. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم أجل يا أخا بني كنانة، فأعلمهم بذلك. فإن قلت: بين هذا وبين ما رواه ابن إسحاق منافاة؟ قلت: قيل: يحتمل أن يكون خاطبه على بعد، والله أعلم. قوله: (أن يصدوا) على صيغة المجهول، أي: يمنعوا. قال ابن إسحاق: وغضب وقال: يا معشر قريش! ما على هذا عاقدناكم أيصد عن بيت الله من جاء معظما له؟ فقالوا: كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى. قوله: (فقام رجل منهم يقال له مكرز) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الراء بعدها زاي: ابن حفص، وحفص بن الأخيف بالخاء المعجمة والياء آخر الحروف ثم الفاء، وهو من بني عامر بن لؤي. قوله: (وهو رجل فاجر) وفي رواية ابن إسحاق: غادر، وهذا أرجح لأنه كان مشهورا بالغدر ولم يصدر منه في قصة الحديبية فجور ظاهر، بل الذي صدر منه خلاف ذلك، يظهر ذلك في قصة أبي جندل. وقال الواقدي: أراد أن يبيت المسلميين بالحديبية فخرج في خمسين رجلا، فأخذهم محمد بن مسلمة وهو على الحرس، فانقلب منهم مكرز. قوله: (فبينما هو يكلمه) أي: بينما يكلم مكرز النبي صلى الله عليه وسلم: (إذ جاء سهيل بن عمرو) وكلمة: إذ، للمفاجأة، وفي رواية ابن إسحاق: دعت قريش سهيل بن عمرو فقالوا: إذهب إلى هذا الرجل فصالحه. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أرادت قريش الصلح حين بعثت هذا. قوله: (قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة...) إلى آخره، هذا موصول إلى معمر بن راشد بالإسناد المذكور أولا، وهو مرسل، وأيوب هو السختياني، وعكرمة مولى ابن عباس. قوله: (لقد سهل لكم من أمركم)، تفاءل النبي، صلى الله عليه وسلم، باسم سهيل بن عمرو على أن أمرهم قد سهل لهم. قوله: (قال معمر: قال الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب، وهو أيضا موصول بالإسناد الأول إلى معمر، وهو بقية الحديث، وإنما اعترض حديث عكرمة في أثنائه. قوله: (هات) أمر للمفرد المذكر تقول: هات يا رجل بكسر التاء أي: أعطني، وللأثنين: هاتيا، مثل: إتيا، وللجمع: هاتوا، وللمرأة: هاتي، بالياء وللمرأتين: هاتيا، وللنساء: هاتين، مثل: عاطين. قال الخليل: أصل هات من: أتى يؤتي، فقلبت الألف: هاء. قوله: (أكتب بيننا وبينكم كتابا) وفي رواية ابن إسحاق: فلما انتهى، أي: سهيل، إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، جرى بينهما القول حتى وقع بينهما الصلح على أن توضع الحرب بينهم عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم بعضا، وأن يرجع عنهم عامهم هذا، وهذا القدر من مدة الصلح التي ذكرها ابن إسحاق هو المتعمد عليها، وكذا جزم به ابن سعد، وأخرجه الحاكم. فإن قلت: وقع عند موسى بن عقبة وغيره أن المدة كانت سنتين. قلت: قد وفق بينهما بأن الذي قاله ابن إسحاق هي المدة التي وقع الصلح علهيا، والذي ذكره موسى وغيره هي المدة التي انتهى أمر الصلح فيها، حتى وقع نقضه على يد قريش، كما سيأتي بيان ذلك في غزوة الفتح، إن شاء الله تعالى. فإن قلت: وقع عند ابن عدي في (الكامل) و (الأوسط) للطبراني من حديث ابن عمر: (أن مدة الصلح كانت أربع سنين)؟ قلت: هذا ضعيف ومنكر ومخالف للصحيح، والله أعلم. قوله: (فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب)، وفي رواية ابن إسحاق: ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، (فقال: (أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم) قال سهيل: (أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو) وفي رواية ابن إسحاق: قال سهيل: (لا أعرف هذا ولكن أكتب باسمك اللهم)، وإنما أنكر سهيل البسملة
(١٢)