عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٧
الأحوال المترادفة أو المتداخلة، أي: منذرا لقريش بمجيء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ثنية المرار. الثنية، بفتح الثاء المثلثة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف: وهي في الجبل كالعقبة فيه وقيل: هو الطريق التالي فيه، وقيل: أعلى المسيل في رأسه، والمرار، بضم الميم وتخفيف الراء. وقال ابن الأثير: هو موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية، وبعضهم يقوله بفتح الميم. ويقال: هو طريق في الجبل تشرف على الحديبية. وقال الداودي: هي الثنية التي أسفل مكة، ورد عليه ذلك، وقال ابن سعد الذي سلك بهم حمزة بن عمرو الأسلمي. قوله: (بركت راحلته) الراحلة من الإبل: البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيها للمبالغة، وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت. قوله: (حل حل) بفتح الحاء المهملة وسكون اللام فيهما، وهو زجر للناقة إذا حملها على السير، وقال الخطابي: فإن قلت: حل، واحدة فبالسكون وإن أعدتها نونت في الأولى وسكنت في الثانية، وحكى غيره السكون فيهما والتنوين كقولهم: بخ بخ وصه صه، وقال ابن سيده: هو زجر لإناث الإبل خاصة، ويقال: حلا وحلى لا حليت، وقد اشتق منه اسم فقيل: الحلحال. وقال الجوهري: جوب زجر للبعير. قوله: (فألحت) بحاء مهملة مشددة، أي: لزمت مكانها ولم تنبعث، من الإلحاح. قوله: (خلأت) بالخاء المعجمة، فهو كالحران في الخيل، يقال: خلأت خلاء بالمد، وقال ابن قتيبة: لا يكون الخلاء إلا للنوق خاصة، وقال ابن فارس: لا يقال للجمل خلاء، لكن ألح (والقصواء) بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وبالمد: اسم ناقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم قيل: سميت بذلك لأنه كان طرف أذنها مقطوعا من القصو، وهو: قطع طرف الأذن. يقال: بعير أقصى، وناقة قصواء. وقال الأصمعي: ولا يقال: بعير أقصى، وقيل: وكان القياس أن يكون بالقصر، وقد وقع ذلك في بعض نسخ أبي ذر. وفي (أدب الكاتب): القصوى، بالضم والقصر، شذ من بين نظائره، وحقه أن يكون بالياء مثل: الدنيا والعليا، لأن الدنيا من دنوت، والعليا من علوت، وقال الداودي: سميت بذلك لأنها كانت لا تكاد أن تسبق، فقيل لها: القصواء، لأنها بلغت من السبق أقصاه. وهي التي ابتاعها أبو بكر، وأخرى معها من بني قشير بثمانمائة درهم، وهي التي هاجر عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت إذ ذاك رباعية، وكان لا يحمله غيرها إذا نزل عليه الوحي، وهي التي تسمى: العضباء، والجدعاء: وهي التي سبقت فشق ذلك على المسلمين. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قدر الله أن لا يرفع شيئا في هذه الدنيا إلا وضعه)، وقيل: المسبوقة هي العضباء، وهي غير القصواء. قوله: (وما ذاك لها بخلق) أي: ليس الخلاء لها بعادة، وكانوا ظنوا أن ذلك من خلقها. فقال: وما ذاك لها بخلق، بضم الخاء. قوله: (ولكن حبسها حابس الفيل عن دخولها)، وفي رواية ابن إسحاق: (حابس الفيل عن مكة)، أي: حبسها الله عز وجل عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخولها حين جيء به لهدم الكعبة. قال الخطابي: المعنى في ذلك، والله أعلم، أنهم لو استباحوا مكة لأبي الفيل على قوم سبق في علم الله أنهم سيسلمون ويخرج من أصلابهم ذرية مؤمنون، فهذا موضع التشبيه لحبسها. وقال الداودي: لما رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، بروك القصواء، علم أن الله عز وجل أراد صرفهم عن القتال * (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) * (الأنفال: 24 و 44). قوله: (خطة)، بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء: أي حالة، وقال الداودي: خصلة. وقال ابن قرقول: قضية وأمرا. قوله: (يعظمون فيها حرمات الله)، قال ابن التين: أي: يكفون عن القتال تعظيما للحرم. وقال ابن بطال يريد بذلك موافقة الله عز وجل في تعظيم الحرمات، لأنه فهم عن الله عز وجل وإبلاغ الأعذار إلى أهل مكة، فأبقى عليهم لما سبق في علمه من دخولهم في دين الله أفواجا. قوله: (إلا أعطيتهم إياها)، أي: أجبتهم إليها. قال السهيلي: لم يقع في شيء من طرق الحديث، إلا أنه قال: إن شاء الله، مع أنه مأمور بها في كل حالة. وأجيب: بأنه كان أمرا واجبا حتما، فلا يحتاج فيه إلى الاستثناء، واعترض فيه بأن الله تعالى قال في هذه القصة * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * (الفتح: 82). فقال: إن شاء الله، مع تحقق وقوع ذلك، تعليما وإرشادا، فالأولى أن يحمل على أن الاستثناء من الراوي، وقيل: يحتمل أن تكون القصة قبل نزول الأمر بذلك. فإن قلت: سورة الكهف مكية؟ قلت: قيل: لا مانع أن يتأخر نزول بعض السورة. قوله: (ثم زجرها)، أي: ثم زجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الناقة فوثبت أي: انتهضت قائمة. قوله: (فعدل عنهم)، وفي رواية ابن سعد: (فولى راجعا). قوله: (على ثمد)، بفتح الثاء المثلثة والميم: أي: حفرة فيها ماء قليل ، ويقال: الثمد الماء القليل الذي لا مادة له. وقيل
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»