متكئ. قوله: (على وسادة)، بكسر الواو وهي: المخدة. قوله: (من أدم)، بفتحتين، وهو اسم لجمع أديم، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ. قوله: (طلقت نساءك؟)، همزة الاستفهام فيه مقدرة، أي: أطلقت. قوله: (أستأنس) أي: أتبصر هل يعود رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الرضى، أو هل أقول قولا أطيب به وقته وأزيل منه غضبه. قوله: (غير أهبة)، بالفتحات جمع إهاب على غير القياس، والإهاب: الجلد الذي لم يدبغ، والقياس أن يجمع الإهاب على: أهب، بضمتين. قوله: (فليوسع)، هذه الفاء عطف على محذوف، لأنه لا يصلح أن يكون جوابا للأمر، لأن مقتضى الظاهر أن يقال أدع الله أن يوسع، وتقدير الكلام هكذا، وقوله: فليوسع عطف عليه للتأكيد. قوله: (أفي شك؟) يعني: هل أنت في شك؟ والمشكوك هو المذكور بعده، وهو تعجيل الطيبات. قوله: (استغفر لي)، طلب الاستغفار إنما كان عن جراءته على مثل هذا الكلام، في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن استعظامه التجملات الدنياوية. قوله: (فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم)، ابتداء كلام من عمر، رضي الله تعالى عنه، بعد فراغه من كلامه الأول، فلذلك عطفه بالفاء. قوله: (من أجل ذلك الحديث)، أي: اعتزاله إنما كان من أجل إفشاء ذلك الحديث، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أكتمي علي وقد حرمت مارية على نفسي)، ففشت حفصة إلى عائشة فغضبت عائشة حتى حلف النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يقربهن شهرا، وهو معنى قوله: (ما إنا بداخل عليهم شهرا). قوله: (من شدة موجدته)، أي: من شدة غضبه، والموجدة مصدر ميمي من وجد يجد وجدا وموجدة. قوله: (حين عاتبه الله تعالى)، ويروى: حتى عاتبه الله، وهذه هي الأظهر، وعاتبه الله تعالى بقوله: * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) * (التحريم: 1). قوله: (لتسع وعشرين ليلة)، باللام في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: بتسع، بالباء الموحدة. قوله: (الشهر تسع وعشرون)، أي الشهر الذي آليت به تسع وعشرون وأشار به إلى أنه كان ناقصا يوما قوله (وكان ذلك تسع وعشرون) ويروى: تسعا وعشرين، وجه الرواية الأولى: أن: كان فيها تامة فلا يحتاج إلى خبر، وتسع بالرفع يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: وجد ذلك الشهر وهو تسع وعشرون، ويجوز أن يكون بدلا من الشهر، وفي الرواية الثانية: أن: كان، ناقصة، وتسعا وعشرين خبرها. قوله: (فأنزلت آية التخيير)، وهي قوله تعالى: * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا) * إلى قوله: * (أجرا عظيما) * (الأحزاب: 82) [/ ح.
اختلف العلماء: هل خيرهن في الطلاق أو بين الدنيا والآخرة؟ وهل اختيارها صريح أو كناية؟ وهل هو فرقة أم لا؟ وهل هو بالمجلس أو بالعرف؟ وقال القرطبي: اختلف العلماء في كيفية تخيير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه على قولين: الأول: خيرهن بإذن الله تعالى في البقاء على الزوجية أو الطلاق، فاخترن البقاء. الثاني: خيرهن بين الدنيا فيفارقهن وبين الآخرة فيمسكهن، ولم يخيرهن في الطلاق. ذكره الحسن وقتادة، ومن الصحابة علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، فيما رواه أحمد بن حنبل عنه، أنه قال: لم يخير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه إلا بين الدنيا والآخرة. وقالت عائشة: خيرهن بين الطلاق والمقام معه، وبه قال مجاهد والشعبي ومقاتل.
واختلفوا في سببه، فقيل: لأن الله خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة، فاختار الآخرة على الدنيا، فلما اختار ذلك أمر الله بتخيير نسائه ليكن على مثل حاله، وقيل: لأنهن تغايرن عليه، فآلى منهن شهرا، وقيل: لأنهن اجتمعن يوما فقلن: نريد ما يريد النساء من الحلي، حتى قال بعضهن: لو كنا عند غير النبي صلى الله عليه وسلم إذن لكان لنا شأن وثياب وحلي. وقيل: لأن الله تعالى صان خلوة نبيه صلى الله عليه وسلم، فخيرهن على أن لا يتزوجن بعده، فلما أجبن إلى ذلك أمسكهن. وقيل: لأن كل واحدة طلبت منه شيئا، وكان غير مستطيع، فطلبت أم سلمة معلما، وميمونة حلة يمانية، وزينب ثوبا مخططا وهو البرد اليماني، وأم حبيبة ثوبا سحوليا، وحفصة ثوبا من ثياب مصر، وجويرية معجرا وسودة قطيفة خيبرية، إلا عائشة فلم تطلب منه شيئا، وكانت تحته صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة، وحفصة بنت عمر، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي الحارث الهلالية. وأربع من غير قريش: صفية بنت حيي الخيبرية، وميمونة بنت الحارث، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. قوله: * (يا أيها النبي قل لأزواجك) * (الأحزاب: 82). قال المفسرون: كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئا من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة والغيرة، فغم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرهن وآلى أن لا يقربهن شهرا، ولم يخرج إلى أصحابه في الصلاة، فقالوا: ما شأنه؟ قال عمر، رضي الله تعالى عنه: إن شئتم لأعلمن لكم ما شأنه؟ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فجرى منه ما ذكر