منه الأذى للناس عند المرور عليه. قوله: (فرمى به)، يعني رفعه من الطريق ورمى به في غير الطريق، وفي رواية الكشميهني: باب من أخر الغصن، من التأخير، وهو إزاحته عن الطريق.
2742 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك فأخذه فشكر الله له فغفر له.
(انظر الحديث 256).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وعبد الله هو ابن يوسف، وفي بعض النسخ، ذكر صريحا. وسمي، بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء: مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن المغيرة هشام، وأبو صالح ذكوان الزيات، والرواة كلهم مدنيون ما خلال شيخه.
والحديث أخرجه مسلم في الجهاد عن يحيى بن يحيى عن مالك به. وأخرجه الترمذي في البر عن قتيبة به وفي روايته: فأخره، موضع: فأخذه. ثم قال: وفي الباب عن أبي برزة وابن عباس وأبي ذر. قلت: أما حديث أبي برزة فأخرجه ابن ماجة، عنه قال: قلت: يا رسول الله! دلني على عمل أنتفع به، قال: أعزل الأذى من طريق المسلمين. وأما حديث ابن عباس فأخرجه...
وأما حديث أبي ذر فأخرجه ابن عبد البر من حديث مالك ب يزيد عن أبيه عن أبي ذر، مرفوعا: (إماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق صدقة). قلت: وفي الباب عن أبي سعيد، أخرجه ابن زنجويه من حديث ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا: (غفر الله لرجل أماط عن الطريق غصن شوك، ما تقدم من ذنبه وما تأخر). وعن أبي بريدة، أخرجه أبو داود عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة، قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: النخاعة في المسجد يدفنها، والشيء ينحيه عن الطريق... وعن أنس، أخرجه ابن أبي شيبة من حديث قتادة عنه، قال: (كانت شجرة على طريق الناس فكانت تؤذيهم، فعزلها رجل عن طريقهم، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: رأيته يتقلب في ظلها في الجنة). واعلم أن الشخص يؤجر على إماطة الأذى، وكل ما يؤذي الناس في الطريق، وفيه دلالة على أن طرح الشوك في الطريق والحجارة والكناسة والمياه المفسدة للطرق وكل ما يؤذي الناس يخشى العقوبة عليه في الدنيا والآخرة، ولا شك أن نزع الأذى عن الطريق من أعمال البر، وأن أعمال البر تكفر السيئات وتوجب الغفران، ولا ينبغي للعاقل أن يحقر شيئا من أعمال البر، أما ما كان من شجر فقطعه وألقاه، وأما ما كان موضوعا فأماطه، والأصل في هذا كله قوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * (الزلزلة: 7). وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان.
92 ((باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء وهي الرحبة تكون بين الطريق ثم يريد أهلها البنيان فترك منها الطريق سبعة أذرع)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا اختلف الناس في الطريق الميتاء، بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالتاء المثناة من فوق ممدودة، وهي على وزن مفعال، أصله من الإتيان، والميم زائدة، ويروى مقصورة على وزن مفعل، وقد فسره البخاري بقوله: وهي الرحبة إلى آخره، أي: الواسعة تكون بين الطريق. وقيل: الرحبة الساحة ، وقال أبو عمرو الشيباني: الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها. وقيل: الطريق العامرة، وقيل: الفناء بكسر الفاء، وروى ابن عدي من حديث عباد بن منصور عن أيوب السختياني عن أنس، رضي الله تعالى عنه، (قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق الميتاء التي يؤتى من كل مكان...) الحديث، وقد فسر صلى الله عليه وسلم الطريق الميتاء بقوله: التي يؤتى من كل مكان. قوله: (ثم يريد أهلها) أشار بهذا إلى أن أصحاب الطريق الميتاء إذا أرادوا أن يبنوا فيها يتركوا منها الطريق للمارين مقدار سبعة أذرع، على ما نذكره في معنى