عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٧
وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني قال أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكيء على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم طلقت نساءك فرفع بصره إلي فقال لا ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قلت لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لا يغرنك إن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد عائشة فتبسم أخرى فجلست حين رأيته تبسم ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال أوفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدها عدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر تسع وعشرون وكان ذلك الشهر تسع وعشرون قالت عائشة فأنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة فقال إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك ثم قال إن الله قال: * (يا أيها النبي قل لأزواجك) * إلى قوله * (عظيما) * (الأحزاب: 82، 92) قلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فدخل مشربة له)، لأن المشربة هي الغرفة، قاله ابن الأثير وغيره، وقد ذكرها في الترجمة باسمها الآخر، وهي: الغرفة، وهي بفتح الميم وضم الراء وفتحها، والمشربة بفتح الميم وفتح الراء: الموضع الذي يشرب منه، كالمشرعة، والمشربة بكسر الميم: آلة الشرب.
وعقيل، بضم العين، وعبيد الله بن عبد الله، بتصغير الابن وتكبير الأب، وأبو ثور، بالثاء المثلثة المفتوحة، وقال الحافظ الدمياطي، قال الخطيب في (تكملته): لا أعلم أحدا روى عن عبيد الله هذا إلا الزهري، ولا أعلمه حدث عن غير ابن عباس. قلت: خرج أبو داود وابن ماجة حديث محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس في طواف النبي، صلى الله عليه وسلم، عام الفتح على البعير، وقد مضى بعض هذا الحديث في كتاب العلم في: باب التناوب في العلم، عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري، وذكرنا هناك تعدد موضعه ومن أخرجه غيره.
ذكر معناه: قوله: (فعدل)، أي: عن الطريق. قوله: (بالأداواة)، بكسر الهمزة: وهي إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطيحة ونحوها، ويجمع على: أداوي. قوله: (فتبرز) أصله: خرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة. قوله: (واعجبي لك!!) بالألف في آخره، ويروى: واعجبا، بالتنوين نحو: يا رجلا، كأنه يندب على التعجب، وهو إما تعجب من جهله بذلك وهو كان مشهورا بينهم بعلم التفسير، وإما من حرصه على سؤاله عما ما لا يتنبه له إلا الحريص على العلم من تفسير ما لا حكم فيه من القرآن.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»