عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٢٩
ابن التين: أكثر الروايات أنها من الأنصار، ولعلها كانت هاجرت وهي مع ذلك أنصارية الأصل، وفي أصل ابن بطال أيضا من الأنصار. قوله: (فليعمل أعواد) أي: ليفعل لنا فعلا في أعواد من نجر وتسوية وخرط يكون منها منبر. قوله: (فلما قضاه)، أي: صنعه وأحكمه، وقال الخطابي: العبارة عما يعالج من الأشياء ويعتمل تقع بثلاثة ألفاظ هي: الفعل والصنع والجعل، وأجمعها في المعنى: الفعل، وأوسعها في الاستعمال: الجعل، وأخصها في الترتيب: الصنع. تقول: فعل فلان خيرا، وفعل شرا، ولفظ الجعل يسترسل على الأعيان والصفات، ولفظ الصنع يستعمل غالبا فيما يدخله التدبير.
0752 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني محمد بن جعفر عن أبي حازم عن عبد الله بن أبي قتادة السلمي عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في منزل في طريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل أمامنا والقوم محرمون وأنا غيرر محرم فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذوني به وأحبو لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلاى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوني السوط والرمح فقالوا لا والله لا نعينك عليه بشيء فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبات العضد معي فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عن ذالك فقال معكم منه شيء فقلت نعم فناولته العضد فأكلها حتى نفدها وهو محرم فحدثني به زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (فقال: معكم شيء؟) فإنه في معنى الاستيهاب من الأصحاب، قال ابن بطال: استيهاب الصيد حسن إذا علم أن نفسه تطيب به، وإنما طلب صلى الله عليه وسلم من أبي سعيد، وكذا من أبي قتادة وغيرهم ليؤنسهم به ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك، وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المديني، وقد تكرر ذكره، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني، وأبو حازم هو سلمة بن دينار وأبو قتادة اسمه الحارث السلمي، بفتح السين واللام الأنصاري الخزرجي.
والحديث قد مضى في كتاب الحج في: باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد فأكله، ومضى أيضا في ثلاثة أبواب عقيبه، كلها متوالية، وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.
قوله: (ورسول الله)، الواو، فيه والواو في: والقوم، والواو في: أنا غير محرم، كلها للحال. قوله: (وأنا مشغول أخصف نعلي) جملة حالية أيضا، ومعنى: أخصف؛ أخرز. قال تعالى: * (وطفقا يخصفان) * (الأعراف: 22، وطه: 121). أي: يلزقا البعض بالبعض. قوله: (فعقرته) من العقر وهو الجرح، ولكن المراد ههنا عقره عقرا شديدا حتى مات منه. قوله: (ثم جئت به)، أي: بالحمار المذكور. قوله: (وهم حرم)، جملة حالية. قوله: (حتى نفدها)، بتشديد الفاء وبإهمال الدال: يريد أكلها حتى أتى عليها، يقال: نفد الشيء إذا فني، وروي بكسر الفاء المخففة، ورده ابن التين. قوله: (فحدثني به)، قائل هذا هو محمد بن جعفر الراوي عن أبي حازم، أي: حدثني بهذا الحديث زيد ابن أسلم أبو أسامة أيضا عن عطاء بن يسار ضد اليمين أبي محمد الهلالي مولى ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي قتادة المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4 ((باب من استسقى)) أي: هذا باب في بيان حكم من استسقى ماءا ولبنا وغيرهما، وجوابه محذوف تقديره: ما حكمه؟ وحكمه: يجوز له ذلك مما تطيب به نفس المطلوب منه.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»