أكلها.
وقال الترمذي: وقد كره بعض أهل العلم أكل الأرنب، وقالوا: إنها تدمى. انتهى. قلت: رواية عن أصحابنا كراهة إكله، والأصح قول العامة. وورد في إباحته أحاديث كثيرة. منها: حديث جابر بن عبد الله، رواه البيهقي: (أن غلاما من قومه صار أرنبا فذبحها بمروة، فعلقها، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أكلها، فأمره بأكلها. ومنها: حديث عمار بن ياسر، رواه أبو يعلى في (مسنده) والطبراني في (الكبير) من رواية ابن الحوتكية: أن رجلا سأل عمر، رضي الله تعالى عنه، عن الأرنب؟ فأرسل إلى عمار، فقال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلنا في موضع كذا وكذا، فأهدى له رجل من الأعراب أرنبا فأكلناها، فقال الأعرابي: إني رأيت دما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس). وحديث محمد بن صفوان رواه النسائي وابن ماجة من رواية الشعبي عنه: أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين فعلقهما، فقال: يا رسول الله! إني أصبت هذين الأرنبين فلم أجد حديدة أذكيهما بها، فذكيتهما بمروة، أفآكل؟ قال: (كل)، لفظ ابن ماجة رحمه الله. وحديث محمد بن صيفي، رواه ابن أبي شيبة من رواية الشعبي عنه، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين فذبحتهما بمروة، فأمرني بأكلهما). وحديث ابن عباس رواه الطبراني في (المعجم الكبير) من رواية أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: سمعت ابن عباس: يقول: (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرنبا وعائشة نائمة، فرفع لها منها الفخذ فلما انتبهت أعطاها إياه فأكلته. وحديث عبد الله بن عمرو، رواه أبو داود من رواية محمد عن خالد عن أبيه خالد بن الحويرث: (أن عبد الله بن عمرو كان بالصفاح قال محمد: مكان بمكة وأن رجلا جاء بأرنب قد صادها، فقال: يا عبد الله بن عمرو! ما تقول؟ قال: قد جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس، فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها، وزعم أنها تحيض. وحديث عمر وأبي الدرداء وأبي ذر، رضي الله تعالى عنهم، رواه البيهقي في (سننه) من رواية حكيم بن جبير عن موسى بن طلحة قال عمر لأبي ذر وعمار وأبي الدرداء: (أتذكرون يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان كذا وكذا فأتاه أعرابي بأرنب؟ فقال: يا رسول الله! إني رأيت بها دما، فأمرنا بأكلها ولم يأكل، قالوا: نعم...) الحديث. وحديث أبي هريرة رواه النسائي عنه، قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها، فلم يأكل، وأمر القوم أن يأكلوا...) الحديث. وحديث خزيمة ابن جزء، رواه ابن ماجة عنه، قال: (قلت: يا رسول الله! جئت لأسألك عن أجناس الأرض، وفيه: قلت يا رسول الله! ما تقول في الأرنب؟ قال: لا آكله ولا أحرمه. قلت: فإني آكل ما لم يحرم، ولم يا رسول الله؟ قال: تبينت أنها تدمي). وحديث عبد الله ابن معقل، رواه الطبراني عنه أنه: (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثا، قلت: يا رسول الله! ما تقول في الأرنب؟ قال: لا آكلها ولا أحرمها.
6 ((باب قبول الهدية)) 3752 حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة رضي الله تعالى عنهم أنه أهداى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرد عليه فلما رأى ما في وجهه قال أما إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (أنه أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم) وقال بعضهم: وشاهد الترجمة منه مفهوم. قوله: (لم نرده عليك إلا إنا حرم)، فإن مفهومه أنه لو لم يكن محرما لقبله منه. انتهى. قلت: الذي ذكرته أوجه، لأن الترجمة في قبول هدية الصيد، والقبول لا يكون إلا بعد الإهداء، ورد النبي صلى الله عليه وسلم إياها لم يكن... إلا لأجل كونه محرما، لا لأجل أنه لم يجوز قبولها أصلا. نعم هذا الذي ذكره ربما يمشي على رواية أبي ذر. فأن عنده على رأس هذا الحديث: باب قبول الهدية، وليس هذا في رواية الباقين وهو الصواب، وهذا الحديث مر في كتاب الحج في: باب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل، بعين هذا المتن والإسناد، غير أن هناك: عن عبد الله بن يوسف، وهنا: عن إسماعيل بن أبي أويس. والله أعلم.
قوله: (بالأبواء)، بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وبالمد: اسم مكان بين مكة والمدينة. قوله: (أو بودان)، شك من الراوي، وهو بفتح الواو وتشديد