عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٠٧
وتزول به ضرورتهم، ثم قال: * (والجار ذي القربى والجار الجنب) * (النساء: 63). قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والجار ذي القربى، يعني: الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب: الذي ليس بينك وبينه قرابة، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وميمون بن مهران والضحاك وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة، وقال أبو إسحاق عن نوف البكالي * (والجار ذي القربى) * (النساء: 63). يعني: المسلم. * (والجار الجنب) * (النساء: 63). يعني: اليهودي والنصاري، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وقال جابر الجعفي عن الشعبي عن علي وابن مسعود: * (الجار ذي القربى) * (النساء: 63). المرأة، وقال مجاهد: * (والجار الجنب) * (النساء: 63). يعني: الرفيق في السفر. ثم قال: والصاحب بالجنب، قال الثوري عن جابر الجعفي عن الشعبي عن علي وابن مسعود، قالا: هي المرأة، قال ابن أبي حاتم: كذا روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم النخعي والحسن وسعيد بن جبير في إحدى الروايات. وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة: هو الرفيق في السفر، وقال سعيد بن جبير: هو الرفيق الصالح، وقال زيد بن أسلم: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر، ثم قال: * (وابن السبيل) * (النساء: 63). وعن ابن عباس وجماعة: هو الضيف، وقال مجاهد وأبو جعفر الباقر والحسن والضحاك: هو الذي يمر عليك مجتازا في السفر. ثم قال: * (وما ملكت أيمانكم) * (النساء: 63). هذا وصية بالأرقاء، لأن الرقيق ضعيف الجثة أسير في أيدي الناس، ولهذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل يوصي أمته في مرض الموت يقول: الصلاة الصلاة وما ملكت إيمانكم، فجعل يرددها حتى ما يفيض بها لسانه، وهذا كان مراد البخاري بذكره هذه الآية الكريمة، وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال لقهرمان له: هل أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا. قال: فانطلق فأعطهم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوتهم. قوله: * (إن الله لا يحب من كان مختالا) * (النساء: 63). أي: في نفسه معجبا متكبرا * (فخورا) * (النساء: 63). على الناس، يرى أنه خير منهم، فهو في نفسه كبير، وهو عند الله حقير وعند الناس بغيض.
قال أبو عبد الله: ذي القربى القريب، والجنب الغريب الجار الجنب يعني الصاحب في السفر أبو عبد الله: هو البخاري نفسه، هذا الذي فسره هو تفسير أبي عبيدة في كتاب (المجاز).
5452 حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة قال حدثنا واصل الأحدب قال سمعت المعرور بن سويد قال رأيت أبا ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذالك فقال إني ساببت رجلا فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم أعيرته بأمه ثم قال إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم.
(انظر الحديث 03 طرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وواصل هو ابن حيان، بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف: الكوفي، والمعرور، بفتح الميم وسكون العين المهملة وضم الراء الأولى: وهو من كبار التابعين، يقال: عاش مائة وعشرين سنة، وقد مر الحديث في كتاب الإيمان في: باب المعاصي من أمر الجاهلية، فإنه أخرجه هناك: عن سليمان بن حرب عن شعبة عن واصل... إلى آخره وفيه زيادة، وهي قوله: إنك امرؤ فيك جاهلية. وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.، ولنذكر بعض شيء.
قوله: (حلة)، هي واحدة الحلل، وهي برود، اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد. قوله: (ساببت رجلا) قيل: هو بلال، رضي الله تعالى عنه. قوله: (أعيرته؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار. قوله: (إن إخوانكم)، المراد إخوة الإسلام والنسب، لأن الناس كلهم بنو آدم، عليه السلام. قوله: (خولكم)، أي: حشمكم وخدمكم، وواحد الخول: خائل، وقد يكون واحدا، ويقع على العبد والأمة وهو مأخوذ من التخويل، وهو التمليك، وقيل: من الرعاية. قوله: (تحت يده)، أي: ملكه، وإن كان العبد محترفا فلا وجوب على السيد. قوله: (فليطعمه)، أمر ندب، وكذلك (وليلبسه) وقيل: لمالك، رحمه الله: أيأكل من طعام لا يأكل منه عياله ورقيقه، ويلبس ثيابا لا يلبسون؟ قال: أراه من ذلك في سعة. قيل له: فحديث أبي ذر؟ قال: كانوا يومئذ ليس لهم هذا القوت. قوله: (ولا تكلفوهم ما يغلبهم)، أي: لا تكلفوهم على عمل يغلبهم عن إقامته، وهذا واجب، وكان عمر بن الخطاب
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»